الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليست زوجة الأخ من الأرحام الواجب صلتهم؛ لأن حد الرحم التي يجب صلتها ويحرم قطعها: هم القرابات من جهة أصل الإنسان، كأبيه، وجده وإن علا، وفرعه كأبنائه، وبناته، وإن نزلوا، وما يتصل بهم من حواشٍ كالإخوة، والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وما يتصل بهم من أولادهم برحم جامعةٍ.
وليس معنى قولنا إن زوجة الأخ ليست من الأرحام الواجب صلتهم، أنه لا يجب لها من الحقوق شيئا، بل لها من الحقوق مثل ما للمسلمين، بل هي أقرب من غيرها لكونها زوجة للأخ، وقد تكون أماً لأبناء هذا الأخ، ويصعب أن تكون علاقة العمة بأبناء أخيها طبيعية في وقت هي تقاطع فيه أمهم.
فننصحك بالصبر والتحمل، والتغلب على المشاكل التي تعكر أجواء القرابة، وبالسلام على هذه المرأة كلما التقيت بها، أو رد سلامها كلما سلمت عليك، ونذكرك بقول الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}. وبقوله سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}. وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما ازداد عبد بعفو إلا عزاً. رواه مسلم.
ثم إن بذلت الأسباب الممكنة في إصلاحها فلم تنفع معها، وخفت منها الإفساد والضرر المحقق، فلا عليك حينئذ من هجرها هجرا جميلا تعطيها حقها من السلام، والمعاملة المحدودة من دون مخالطة.
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 7156.
والله أعلم.