الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن وقفك لترك هذه العادة القبيحة، ونسأل الله لنا ولك الثبات على دينه.
ثم اعلم أن هذا النذر الذي نذرته يسمى عند الفقهاء نذر اللجاج، وهو كونك نذرت أن تصوم شهرين كلما أقدمت على ذلك الفعل.
ونذر اللجاج مخير صاحبه بين أن يفي بما التزم به، وبين أن يكفر كفارة يمين.
قال ابن قدامة في المغني: إذَا أَخْرَجَ النَّذْرَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، بِأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِهِ شَيْئًا، أَوْ يَحُثَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ، أَوْ صَدَقَةُ مَالِي، أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ. فَهَذَا يَمِينٌ، حُكْمُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْنَثَ، فَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الْمَنْذُورِ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ. انتهى.
وكنا قد بينا هذا الحكم في فتاوى سابقة، منها فتوى برقم: 17466.
وعليك -إن شككت في عدد النذور- الاحتياط لنفسك بالكفارة مما يغلب على ظنك أن ذمتك تبرأ.
ويرجى مراجعة هذه الفتوى في أحكام كفارة اليمين برقم: 26595.
وأما قضاء الصلوات الفائتة فاعلم -أولا- أن الله قد أمرك بالمحافظة على الصلاة، وأن تركك لها ترك لأوامر الله، فلتحاسب نفسك ولتتب إلى الله، ولتستغفر لما مضى، لعل الله يغفر لك ويعينك، واعزم على ألا تعود لذلك أبدا؛ قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا {مريم:60}.
ثم نقول: إن عليك أن تقضي الصلوات الفائتة بحسب الاستطاعة، فتقضي ما فات عليك من الصلوات إن علمت عدد السنين، أو الشهور، أو الأيام التي تركت فيها الصلاة، فإن لم تعلم عدد ذلك، فعليك أن تقضي حتى تتيقن براءة ذمتك، وسواء كان القضاء في الليل أو في النهار، ولو في أوقات النهي مع وجوب مراعاة الترتيب مثال ذلك أن تصلي الصبح، ثم الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، فهذا يوم، وهذا الترتيب واجب عند المالكية لكنه ليس شرطا في صحة القضاء، وواجب عند الحنابلة، وهو شرط عندهم في صحة الصلاة إلا لعذر، ومستحب عند الشافعية.
وانظر تفصيل ذلك في هذه الفتوى: 61320.
والله أعلم.