الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا غرابة في اختلاف حكم العالم الواحد على حديث واحد، بناء على تغير اجتهاده وظهور ما كان خافيا عليه. ومن له اطلاع على علوم الحديث، يظهر له بجلاء ذلك، وغيره من تفاصيل أسباب الخلاف بين المحدثين تصحيحا وتضعيفا !
ومن يتعرض لمثل هذا الخلاف يكون موقفه بناء على حالته العلمية، فمن كان من أهل العلم أو طلبته المميِّزين ممن له قدرة على الترجيح بين أقوال أهل العلم، اجتهد وعمل باجتهاده. ومن كان دون ذلك وسعه سؤال أهل العلم، فإن اختلفوا عليه قلَّد الأوثق في نفسه، كما هو الحال مع خلاف الفقهاء.
وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتويين: 124688، 157839.
وأما مسألة حفظ السنة من حيث الجملة، فهو أمر ضروري لحفظ القرآن الذي لا يُفهم فهما صحيحا إلا بها.
وقد سبق لنا بيان أهمية السنة لفهم القرآن، وأن الله حفظها؛ حفظاً لكتابه وشريعته، وراجع في ذلك وأدلته الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 190683، 19694، 28205.
وهنا ننبه على أن اختلاف علماء الحديث بسبب تباين اجتهاداتهم، إنما هو مظهر من مظاهر حفظ السنة، ونضج هذا العلم وسعته وكفايته في رد افتراءات المبطلين والوضاعين والكذابين. ونحن المسلمين بحمد الله تفردنا من بين الأمم بهذه الضوابط العلمية المتينة في تلقي الآثار، فقواعد القبول في علم الحديث تضطر كل منصف للإذعان لها والتنويه بشأنها، حتى لقد قال المستشرق المجري مارجيليوس: ليفتخرْ المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 132402.
والله أعلم.