الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم وغيرهما، ولا شك أن لقوله صلى الله عليه وسلم في رواية نافع: ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر.." لاشك أن لذلك حكمة علمها من علمها، وجهلها من جهلها، وقد اختلف أهل العلم في الحكمة من ذلك.
جاء في عون المعبود: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْحِكْمَة فِي الْأَمْر بِالْإِمْسَاكِ كَذَلِكَ، فَقَالَ الشَّافِعِيّ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ بِذَلِكَ -أَيْ بِمَا فِي رِوَايَة نَافِع- أَنْ يَسْتَبْرِئهَا بَعْد الْحَيْضَة الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا بِطُهْرٍ تَامّ، ثُمَّ حَيْض تَامّ، لِيَكُونَ تَطْلِيقهَا وَهِيَ تَعْلَم عِدَّتهَا إِمَّا بِحَمْلٍ، أَوْ بِحَيْضٍ، أَوْ لِيَكُونَ تَطْلِيقهَا بَعْد عِلْمه بِالْحَمْلِ، وَهُوَ غَيْر جَاهِل بِمَا صَنَعَ، أَوْ لِيَرْغَب فِي الْحَمْل إِذَا اِنْكَشَفَتْ حَامِلًا فَيُمْسِكهَا لِأَجْلِهِ. وَقِيلَ: الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنْ لَا تَصِير الرَّجْعَة لِغَرَضِ الطَّلَاق، فَإِذَا أَمْسَكَهَا زَمَانًا يَحِلّ لَهُ فِيهِ طَلَاقهَا، ظَهَرَتْ فَائِدَة الرَّجْعَة؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطُول مَقَامه مَعَهَا، فَيُجَامِعهَا، فَيَذْهَب مَا فِي نَفْسه فَيُمْسِكهَا.
وجاء في تفسير البغوي والخازن: وما رواه نافع عن ابن عمر: ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، فاستحباب، استحب تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني حتى لا يكون مراجعته إياها للطلاق، كما يكره النكاح للطلاق.
والله أعلم.