الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكن أن نبتّ في حقيقة هذه الخلوة التي كانت تحصل بين هذين الزوجين لاختلاف أمر الخلوة من حال لحال ومن بلد إلى بلد، لكن الخلوة الصحيحة المعتبرة ضبطتها الموسوعة الفقهية بقولها: الخلوة التي يترتب عليها أثر هي الخلوة الصحيحة كما يقول الحنفية، أو خلوة الاهتداء كما يطلق عليها المالكية التي لا يكون معها مانع من الوطء، لا حقيقي ولا شرعي ولا طبعي، أما المانع الحقيقي: فهو أن يكون أحدهما مريضا مرضا يمنع الجماع....... وأما المانع الشرعي: فهو أن يكون أحدهما صائما صوم رمضان أو محرما بحج أو بعمرة، أو تكون المرأة حائضا أو نفساء..... وأما المانع الطبعي: فهو أن يكون معهما ثالث، لأن الإنسان يكره أن يجامع امرأته بحضرة ثالث.
وبناء على هذا الضابط: فإذا كانت هذه الخلوات التي حصلت بين هذين مما لا يتأتى فيه الوطء عادة فقد بانت هذه الزوجة من زوجها بردته، فلا سبيل له عليها إلا بعقد جديد، وإن كانت هذه الخلوة مما يتأتى فيه الدخول فمذهب الأكثر أن الفرقة في المدخول بها تقع ساعة الردة كغير المدخول بها، فلا سبيل للزوج على الزوجة إلا بعقد جديد أيضا، وذهب الشافعي ورواية للحنابلة إلى أن الفرقة تتوقف على انقضاء العدة، فإن تاب الزوج ورجع إلى الإسلام حال العدة، فهو على النكاح السابق، وهذا الرأي المرجح عندنا، كما بينا في الفتوى رقم: 123625، وما أحيل عليه فيها.
وعلى هذا الاحتمال الأخير، فإذا كان هذا الشخص قد تاب من ردته قبل أن تنقضي عدة زوجته منه فالعصمة مستمرة على الراجح، وليس عليه أن يخبر زوجته بشيء، وإن كان لم يتب إلا بعد انقضاء العدة فلا بدّ من إعلام الزوجة لانفصام العصمة، ثم إذا شاءا أن يجددا العقد بشروطه فلهما ذلك، وللفائدة راجع الفتويين رقم: 43473، ورقم: 23647.
والله أعلم.