الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن العلماء اختلفوا في من عليه دين هل يسقط مقدار الدين من المال الواجب زكاته أم يزكي جميع ما بيده بغض النظر عن الدين الذي عليه؟ ولهم في ذلك أقوال المفتى به عندنا منها هو أن من كان عنده عرض يستغني عنه يمكن أن يجعله في مقابلة الدين فإنه يجعل في مقابلة دينه ويزكي ما بيده، وإلا فإنه تسقط عنه زكاة مقابل ما عليه من الدين من المال الواجب زكاته لو لم يكن دين، وانظر الفتويين رقم: 124533، ورقم: 180105.
والأحوط والأبرأ للذمة أن يزكي الشخص جميع ما بيده خروجا من الخلاف، فإذا علمت هذا فالواجب عليك أن تخرج ما يلزمك إخراجه من الزكاة، فإن خصمت ما عليك من الدين مما بيدك من المال ثم بقي ما تجب زكاته، فلا بد من المبادرة بأداء هذه الزكاة على الفور إن كان قد حال الحول، على المال الواجب زكاته، وإن اخترت الاحتياط وأردت أن تزكي جميع ما بيدك أو كان عندك عرض للقنية تجعله في مقابل الدين، فإذا حال الحول على المال فيجب عليك كذلك أن تبادر بأداء زكاتك، ويجب عليك دفعها للمستحقين، ولا يجوز لك صرف شيء من زكاتك الواجبة في مصلحة نفسك، فلا يجوز لك أن تقضي بها شيئا من ديونك لأن الواجب في الزكاة إخراجها عن الملك رقبة ومنفعة كما قاله في البحر الرائق، وإذا عاد نفع الزكاة إليك لم تكن مخرجا لها ولا صح أنك آتيت الزكاة، فإن الإيتاء هو الدفع للمستحق، وإذا كان الفقهاء قد نصوا على أنه لا يجوز أن يسقط الدين عن الغارم بنية الزكاة فكيف يؤدي دين نفسه من زكاته؟ فعليك إذاً أيها الأخ الكريم أن تؤدي ما عليك من الحق وأن تدفعه لمستحقه وألا تقضي شيئا من ديونك من مال الزكاة.
والله أعلم.