الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ملك الأرض بسبب موجب للملك في الشرع حقّ له أن يبيعها وأن يتصرف فيها بما شاء، لا نعلم خلافا في ذلك بين المسلمين، أما ما ذكرت من أن الأرض لله تعالى: فصحيح، ولا يقتصر ذلك على الأرض وحدها، فعامة ما في أيدي الناس مما يجري عليه التمول من ناطق وصامت، وأرض، وحيوان، وحشم، وخدم وغير ذلك، كله ملك لله عزّ وجلّ حقيقة ولكنه مستخلف في أيدي الناس، فهم مستخلفون فيه يتصرفون فيه بما وافق الشرع، فقد قال الله تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ {الحديد:7}.
قال القرطبي رحمه الله تعالى: وهذا يدل على أنها ليست بأموالكم في الحقيقة، وما أنتم فيها إلا بمنزلة النواب والوكلاء، فاغتنموا الفرصة فيها بإقامة الحق قبل أن تزال عنكم إلى من بعدكم. اهـ.
وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية معنى نسبة الأشياء إلى الله فقال: الأعيان المضافة إلى الله تعالى على وجهين:
أحدهما: أن تضاف إليه من جهة كونه خلقها وأبدعها، فهذا شامل لجميع المخلوقات، كقولهم: سماء الله، وأرض الله، ومن هذا الباب فجميع المخلوقين عباد الله، وجميع المال مال الله، وجميع البيوت والنوق لله.
والوجه الثاني: أن يضاف إليه لما خصه الله به من معنى يحبه ويرضاه ويأمر به، كما خص البيت العتيق بعبادة فيه لا تكون في غيره، وكما خص المساجد بأن يفعل فيها ما يحبه ويرضاه من العبادات، وأن تصان عن المباحات التي لم تشرع فيها فضلاً عن المكروهات. اهـ.
والله أعلم.