الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن من قال: أكفر بالله إن فعلت، ثم فعل ـ فإنه لا يكون كافرا إلا إن أضمر ذلك بقلبه، جاء في الموطأ: قال مالك في الرجل يقول كفر بالله أو أشرك بالله ثم يحنث: أنه ليس عليه كفارة وليس بكافر ولا مشرك حتى يكون قلبه مضمرا على الشرك والكفر، وليستغفر الله ولا يعد إلى شيء من ذلك، وبئس ما صنع. اهـ.
و قال الشيخ زكريا الانصاري في شرح منهج الطلاب: إن فعلت كذا فأنا يهودي، أو نحوه كأنا بريء من الإسلام، أو من الله أو من رسوله، فليس بيمين، ولا يكفر به إن قصد تبعيد نفسه عن الفعل، أو أطلق، كما اقتضاه كلام الأذكار، وليقل لا إله إلا الله محمد رسول الله ويستغفر الله، وإن قصد الرضا بذلك إن فعله فهو كافر في الحال. اهـ.
وقال الحجاوي: وإن قال: هو يهودي، أو نصراني، أو كافر، أو مجوسي، أو........ إن فعل كذا..... لم يكفر، وفعل محرما تلزمه التوبة منه. اهـ.
واختلف هل تلزمه الكفارة أم لا؟ قال ابن قدامة: اختلفت الرواية عن أحمد، في الحلف بالخروج من الإسلام، مثل أن يقول: هو يهودي، أو نصراني، أو مجوسي إن فعل كذا، أو هو بريء من الإسلام، أو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من القرآن، إن فعل، أو يقول: هو يعبد الصليب أو يعبدك، أو يعبد غير الله تعالى، إن فعل، أو نحو هذا، فعن أحمد: عليه الكفارة إذا حنث، يروى هذا عن عطاء، وطاوس والحسن، والشعبي، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ويروى ذلك عن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ والرواية الثانية: لا كفارة عليه، وهو قول مالك، والشافعي، والليث، وأبي ثور، وابن المنذر. اهـ،
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة مع شرحه: ومن قال ـ والعياذ بالله: أشركت بالله، أو هو يهودي أو نصراني، أو عابد وثن ونحو ذلك ـ إن فعل كذا ـ ثم فعله، فلا كفارة عليه ـ أي في شيء من ذلك ـ لأن الحلف بغير أسماء الله أو صفاته لا تنعقد به يمين، ولا يلزمه غير الاستغفار والتوبة. اهـ.
وراجع الفتويين رقم: 120384، ورقم: 55735.
واذا كان هذا حال من نطق بهذا الكلام، فمن باب أحري أن لا يكفر من لم يتكلم، لأن الله تجاوز لهذه الأمة عما توسوس به النفوس ما لم يتكلم الشخص بذلك، أو يعمل به.
والله أعلم.