الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يخلص قصده لربه تبارك وتعالى, ويتوب إليه توبة نصوحًا, مستوفية لشروطها وأركانها: من الإقلاع عن الذنب, والعزم على عدم العود إليه, والندم على فعله, ورد الحقوق إلى أصحابها، ثم يسيء الظن بنفسه, ويتهمها بالتقصير والتفريط, ويجدد توبته كل حين خائفًا وجلًا أن يكون قصر في القيام بحق التوبة، ويعلق قلبه بربه تبارك وتعالى, محسنًا الظن به, راجيًا عفوه وبره ولطفه ومغفرته، ولحسن الظن أثر كبير - بإذن الله - في قبول التوبة, فالله تعالى عند ظن عبده به، ولا سبيل إلى معرفة إن كانت التوبة صادقة مقبولة أو لا إلا في الآخرة، لكنها متى صحت واستوفت شروطها قبلت بيقين, كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 188067.
وللتوبة الصادقة علامات, متى وجدت رجا العبد الخير, ومتى انتفت خاف واستعتب, وراجع قبل أوان الندامة، ولبيان بعض علامات التوبة الصادقة انظر الفتوى رقم: 196065.
ثم الأكمل للعبد أن يتوب توبة خالصة, لا لتحصيل مطلوب, ولا لدفع مرهوب، بل يتوب ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى، فليجاهد العبد نفسه على تحقيق الإخلاص في جميع الأعمال, وليتهم توبته دائمًا, وليقبل على ربه ملتمسًا فضله ورحمته، وانظر الفتوى رقم: 189117.
والعبد يعرف من نفسه إن كان مخلصًا أو تائبًا توبة مدخولة، فإن شعر من نفسه بتقصير في الإخلاص فليجدد توبته, وليصحح قصده ونيته، مع أنه لو تاب لدفع البلاء لم يكن آثمًا بذلك, وإنما يفوته الأكمل والأفضل.
والله أعلم.