الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصدقة بغرس الشجر أو بالمال من جملة أعمال الخير التي تكفر الخطايا وتغفر الذنوب, كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. رواه الترمذي.
وغرس الشجر وغيره من النبات الذي ينتفع بثمرته أو ظله فيه خير كثير وأجر عظيم, وربما كان ذلك صدقة جارية يلحق ثوابها صاحبها بعد موته؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ أَجْرَ ذَلِكَ يَسْتَمِرُّ مَا دَامَ الْغَرْسُ أَوِ الزَّرْعُ مَأْكُولًا مِنْهُ, وَلَوْ مَاتَ زَارِعُهُ أَوْ غَارِسُهُ, وَلَوِ انْتَقَلَ مِلْكُهُ إِلَى غَيْرِهِ.
والصدقة الجارية لها فضل كبير عند الله تعالى، وهي أفضل من المنقطعة؛ لأن ثوابها مما يلحق المرء بعد موته، كما جاء في الحديث الشريف: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم. وراجع الفتوى رقم: 129132 في أن الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة.
فعلم مما ذكر أنه يرجى لك الخير إذا تصدقت بغرس شجرة, ولكن مغفرة ذنوبك على الخصوص هي من الغيب الذي لا يمكن علم حقيقته وشكله إلا عن طريق الوحي.
والله أعلم.