الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك بر أبيك, والإحسان إليه, والبعد عن الإساءة إليه, والأدب والغض من الصوت, والتواضع، فقد قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24].
ولا يجوز أن تطيع أمك في عقوقه, ولا في شيء من المحرمات, ولا يعد ذلك من عقوقها, فقد قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في شرح مسلم: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعًا فقل من ضبطه، وقد قال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام - رحمه الله -: لم أقف في عقوق الوالدين، وفيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمده، فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به وينهيان عنه باتفاق العلماء، وقد حرم على الولد الجهاد بغير إذنهما؛ لما يشق عليهما من توقع قتله, أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد ألحق بذلك كل سفر يخافان فيه على نفسه، أو عضو من أعضائه, هذا كلام الشيخ أبي محمد، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله - في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيًا ليس بالهين, مع كونه ليس من الأفعال الواجبة, قال: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. انتهى.
والله أعلم.