الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغناء المصحوب بأصوات المزامير الموسيقية يحرم سماعه، كما يدل له الحديث: نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة مزمار شيطان، وصوت عند مصيبة، ورنة شيطان. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وإذا تاب العبد من السماع توبة نصوحًا، ثم زين له الشيطان المعصية فزلت قدمه وقارفها، فليسارع إلى تجديد التوبة مرة أخرى, والإكثار من العمل الصالح، وبذلك يغفر ذنبه - إن شاء الله - كلما تاب منه فإن توبة التائب لا يبطلها رجوعه للذنب بعد التوبة منه إذا كانت قد استوفت شروطها، ومن أهم هذه الشروط أن لا يكون وقت التوبة عازمًا على العود للذنب ولو بعد حين, فإن الله تعالى يتقبل توبة من تاب إليه بصدق؛ كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {الشورى : 25 } وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53 }.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي, فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب, ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي, فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب, ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي, فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
قال النووي: معناه: ما دمت تذنب ثم تتوب غفرت لك. اهـ.
وقال النووي أيضًا في باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة: هذه الأحاديث ظاهرة في الدلالة لها، وأنه لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر، وتاب في كل مرة، قبلت توبته، وسقطت ذنوبه، ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها صحت توبته. اهـ.
وقد قيل للحسن البصري - رحمه الله -: ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود، فقال: ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملوا من الاستغفار. وروي عنه أنه قال: ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين - يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب -.
فاحرصي - أيتها السائلة - على التوبة من ذنبك، وإذا وقعت فيه فجددي التوبة، ولا تملي حتى يكون الشيطان هو المدحور.
والله أعلم.