الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الجن يموتون كما في الحديث أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ. متفق عليه.
وكذا الملائكة سيموتون ويبقى الله الواحد القهار. وقد أخرج عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيث لَقِيط اِبْن عَامِر مُطَوَّلًا وَفِيهِ: تَلْبَثُونَ مَا لَبَّثَهُمْ، ثُمَّ تُبْعَث الصَّائِحَة، فَلَعَمْر إِلَهِك مَا تَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مَاتَ حَتَّى الْمَلَائِكَة الَّذِينَ مَعَ رَبِّك. قاله الحافظ في الفتح.
وإذا كانوا يموتون فإنهم داخلون في الأنفس التي قال الله فيها: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ }.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: فهو تعالى وحده هو الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون، وكذلك الملائكة وحملة العرش، وينفرد الواحد الأحد القهار بالديمومة والبقاء، فيكون آخرًا كما كان أولا ... اهــ.
والمراد بالنفس الروح, وفي الحديث: يقول ملك الموت مخاطبا الروح: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان.
قال القرطبي: والنَّفْس: الروح؛ يقال : خرجت نَفْسُه، قال أبو خِراش:
نجا سالم والنّفْس منه بِشدْقِهِ ... ولم يَنْج إلا جَفْن سَيفٍ ومِئزرا
أي بجفن سيف ومئزر . ومن الدليل على أن النفس الروح قوله تعالى: { الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا } [ الزمر : 42 ] يريد الأرواح ... اهــ.
والشاهد أن الجن والملائكة يموتون، وما داموا كذلك فإن لهم أرواحا.
والله تعالى أعلم.