الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر والدك، والسعي في انقاذه مما هو فيه من أسباب المهالك والشرور، والقيام بواجب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:110]. وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
ولم يفرق الشرع في ذلك بين أحد، فكل من يستطيع أن يقوم بهذا الواجب فهو مطالب به، ومسؤول عنه، وأب هذا حاله حري بأن يشفق عليه من يعرفه، ويحزن لحاله أقرباؤه وذووه، فقد وقع في صحبة الأشرار، التي هي طريق النار، وهذا الإقبال على صحبة الأشرار وما تستلزمه يتطلب منه كثيراً من الأموال، التي لا يستطيع الحصول عليها بطرق مشروعة فوقع في التزوير والسرقة والرشوة، والواجب عليكم الآن أن تسلكوا السبل التي تساعدكم على إنقاذه، وأهمها النصح الدائم، بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوسيط أهل الخير في إرشاده وتوجيهه، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء له بصلاح حاله.
وإننا لننصح هذا الأب بترك ما هو عليه قبل أن يفجأه الموت، فلا يجد عملاً صالحاً ينجيه من عذاب الله وأليم عقابه، قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:54-55].
وليعلم أن الله تعالى يقبل توبة عبده إذا تاب إليه، ولو بلغت ذنوبه عنان السماء، فرحمة الله أوسع من ذنوب العالمين، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
ولمعرفة التوبة بشروطها، وما يعين عليها راجعي الفتاوى التالية: 5450، 19812، 17998.
والله أعلم.