الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من ركب الطائرة مريدًا للنسك، أن يحرم إذا حاذى الميقات الذي وقّته النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز له أن يؤخر الإحرام إلى ما بعد الميقات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممّن كان يريد الحج أو العمرة. متفق عليه.
وبناء على ذلك، فإذا كنت ناويًا أداء العمرة فور وصولك, فعليك الإحرام من الميقات الذي ستمر به في طريقك, وينبغي الاحتياط بالإحرام قبل الميقات بقليل نظرًا لسرعة الطائرة، ولا يجوز لك تأخير الإحرام إلى جدة.
جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: بارك الله فيكم أيضًا - فضيلة الشيخ - ما رأيكم فيمن كان طريقه لا تمر بهذه المواقيت, وإذا أحرم قبل الميقات ما حكم ذلك؟
فأجاب - رحمه الله تعالى -: إذا كان لا يمر بشيء من هذه المواقيت، فإنه ينظر إلى حذاء الميقات الأقرب إليه، فإذا مر في طريق بين يلملم وقرن المنازل فينظر أيهما أقرب إليه، فإذا حاذى أقربهما إليه أحرم من محاذاته, ويدل لذلك أن عمر بن الخطاب - رضي الله - عنه جاءه أهل العراق وقالوا: يا أمير المؤمنين, إن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل نجد قرنًا، وإنها جور عن طريقنا يعني فيها ميلٌ وبُعدٌ عن طريقنا, فقال - رضي الله عنه -: (انظروا إلى حذوها من طريقكم) فأمرهم أن ينظروا إلى محاذاة قرن المنازل ويحرموا, هكذا جاء في صحيح البخاري, وفي حكم عمر - رضي الله عنه - هذا فائدة جليلة, وهي أن الذين يأتون بالطائرات، وقد نووا الحج أو العمرة، ويمرون بهذه المواقيت: إما فوقها، أو عن يمينها، أو يسارها يجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا هذه المواقيت, ولا يحل لهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا في جدة, كما يفعله كثير من الناس, فإن هذا خلاف ما حدّده النبي عليه الصلاة والسلام, وقد قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) وقال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) فعلى الإنسان الناصح لنفسه إذا كان جاء عن طريق الجو وهو يريد الحج أو العمرة، عليه أن يكون متهيئًا للإحرام في الطائرة، فإذا حاذت أول ميقات يمر به، وجب عليه أن يحرم أي أن ينوي الدخول في النسك، ولا يحل له أن يؤخر ذلك حتى يهبط في مطار جدة. انتهى.
والله أعلم.