الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لأمه السدس فرضا لوجود الفرع الوارث؛ قال الله تعالى: { ... وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ... } النساء : 11 , ولزوجته الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث؛ قال الله تعالى: ( ... فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... ) النساء : 12 , والباقي للأبناء الأربعة تعصيبا – بينهم بالسوية - لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.
فتقسم التركة على ستة وتسعين سهما:
لأم الميت سدسها: ستة عشر سهما.
ولزوجته ثمنها: اثنا عشر سهما.
ولكل ابن سبعة عشر سهما.
وأما ما ذكرته من تنازل جدتكم لكم عن نصيبها، فإنك تطالب بإقامة البينة الشرعية عند القاضي بذلك ما دام بعض ورثة جدتك يطالب بنصيبه من حقها, فإن أقمت البينة على أنها تنازلت لكم، فإنه يُنظر في وقت تنازلها، فإن تنازلت في مرض مخوف، فإن هذه تعتبر وصية لكم, ولأعمامك الحق في منع ما زاد عن الثلث منها. فإن كان ما تنازلت عنه يزيد على ثلث تركتها، فإنكم تأخذون الثلث فقط وما زاد عليه لا تأخذونه إلا برضا الورثة، ومن لم يرض فله الحق في أخذ نصيبه. وأما إذا تنازلت لكم في حياتها في غير مرض مخوف، واستلمتموه وقتها، فإنه يصير هبة لكم، وليس لأعمامكم الحق في المطالبة بشيء منه.
ومثل هذه المسائل التي يتنازع فيها الورثة ينبغي رفعها إلى المحكمة الشرعية إن وجدت، أو مشافهة من يصلح للقضاء من أهل العلم بها إن لم توجد محكمة شرعية؛ وذلك حتى يتسنى الاستماع لجميع الأطراف، وهذا أدعى لمعرفة الحق والحكم به, فلا يُفصل فيها إلا بعد سماع كافة الأطراف المتنازعين، ولا يُكتفى فيها بمجرد فتوى أُعدت طبقا لسؤال من أحدهم, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: يَا عَلِيُّ: إِذَا جَلَسَ إِلَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ. رواه أحمد وأبو داود.
والله تعالى أعلم.