الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الدخول في المعاملة المذكورة لأمرين:
أولهما: كونها من التورق المنظم ـ حسب ما يتبادر من السؤال ـ وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من: 13ـ17ـ 12ـ 2003 ـ بياناً جاء فيه: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من: 19ـ23ـ 10ـ 1424هـ الذي يوافقه: 13ـ17ـ 12ـ 2003م، قد نظر في موضوع: التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر، وبعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارت حوله، تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو: قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة ليست من الذهب، أو الفضة من أسواق السلع العالمية، أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف ـ إما بشرط في العقد، أو بحكم العرف والعادة ـ بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق، وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي:
أولاً: عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور الآتية:
1ـ أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر، أو ترتيب من يشتريها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحة أم بحكم العرف والعادة المتبعة.
2ـ أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.
3ـ أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمستورق فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل.
وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، وقد سبق للمجمع في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره.... وذلك لما بينهما من فروق عديدة فصلت القول فيها البحوث المقدمة، فالتورق الحقيقي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضاً حقيقيا ًوتقع في ضمانه، ثم يقوم ببيعه هو بثمن حال لحاجته إليه، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا يتمكن، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف.
ثانياً: يوصي مجلس المجمع جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالاً لأمر الله تعالى، كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول.
والمانع الثاني من الدخول في المعاملة هو ما ذكرته من كون العقد يتضمن شرط زيادة نسبة فائدة عند التأخر عن سداد الأقساط في المدة المتفق عليها وهذا شرط ربوي محرم لا يجوز الدخول في عقد يتضمنه ومثله شرط البطاقة الائتمانية المذكور حتى ولو كانت نية المرء عدم التاخر في السداد، فإن ذلك لا يبيح الدخول في المعاملة والتوقيع على العقد الربوي والرضا به، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 64435.
والله أعلم.