الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر فإن تركته لأبنائه وبناته تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... } النساء : 11 , فتقسم التركة على عشرين سهما , لكل ابن سهمان , ولكل بنت سهم واحد.
وأما ما يتعلق بالوقف وما إذا كان للأحفاد نصيب منه أم لا فهذا يُرجعُ فيه إلى شرط الواقف , فإن كان عيَّن أشخاصا بعينهم موقوفا عليهم، ولم يذكر أحفاده منهم، فإن الأحفاد لا يدخلون في جملة الموقوف عليهم، وإن عينهم معهم دخلوا فيهم .
وإن لم يعين أشخاصا بعينهم وعينهم بأوصافهم كأن يكون الوقف على الفقراء أو المساكين أو طلاب العلم أو نحو ذلك فإن الأحفاد لا يدخلون في الموقوف عليهم إلا إذا صدق عليهم الوصف الذي عينه الواقف , ومن المعلوم أن الوقف يتبع فيه شرط الواقف , جاء في الموسوعة الفقهية :
وَالشُّرُوطُ الَّتِي يَضَعُهَا الْوَاقِفُ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا ، وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا إِذَا لَمْ تُخَالِفِ الشَّرْعَ أَوْ تُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ ؛ إِذْ إِنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّرْعِ كَمَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ . فَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ : شَرَائِطُ الْوَاقِفِ مُعْتَبَرَةٌ إِذَا لَمْ تُخَالِفِ الشَّرْعَ وَهُوَ مَالِكٌ ، فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً ، وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ صِنْفًا مِنَ الْفُقَرَاءِ ، وَلَوْ كَانَ الْوَضْعُ فِي كُلِّهِمْ قُرْبَةً ، وَفِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلدَّرْدِيرِ: : وَاتُّبِعَ وُجُوبًا شَرْطُ الْوَاقِفِ إِنْ جَازَ شَرْعًا ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يَتَّبَعْ , وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ شَرَائِطَ الْوَاقِعِ مَرْعِيَّةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُنَافِي الْوَقْفَ اهــ
ووصيته للأحفاد وصية صحيحة ما داموا غير وارثين , وقوله في الوصية لهم { في مقام والدهم لوجه الله تعالى } إن كان يعني أن لهم مثل نصيب والدهم لو كان حيا فهذه وصية صحيحة ويعمل بها , قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ أَوْصَى بِنَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ، فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ مُزَادًا عَلَى الْفَرِيضَةِ, هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ, وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ.. اهـ
وعلى هذا فيضاف إلى أصل القسمة السابق ذكرها سهمان , فتقسم التركة على اثنين وعشرين سهما , لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم واحد وللأحفاد الموصى لهم سهمان , وتكون في المنقول وغير المنقول القابل للقسمة وغير القابل للقسمة.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية ‘ فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله تعالى أعلم.