الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فالسائل لم يشهد هذا القتل الخطأ بنفسه، وإنما أخبره به صديقه الذي رآه، ومثل هذا الخبر لا يجب ـ بل لا يصح ـ أن يؤديه السائل على سبيل الشهادة! فإن من شروط تحمل الشهادة، كما جاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: أن يكون تحمل المشهود به بالمعاينة بنفسه، أي أن يكون الشاهد عاين ونظر الشيء بنفسه، لأنه قد ورد في الآية الجليلة: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون {الزخرف: 86}.. فلذلك إذا عاين الشاهد المشهود به بغيره أي أنه شاهد المشهود به شخص آخر وأخبر الشاهد فأداؤه الشهادة على هذا الوجه بناء عن تحمله الشهادة على تلك الصورة غير صحيح، مثلا: لو تبايع شخصان مالا ولم يحضر الشاهد البيع والشراء بنفسه، إلا أنه أخبره رجلان بطريق الشهادة بوقوع البيع والشراء، فليس لذلك الرجل أن يشهد دعوى ذلك البيع كأنه شاهد البيع، فإذا شهد كان كاذبا في شهادته، وإذا بين أن شهادته مبنية على استخباره من الغير فترد شهادته.. اهـ.
ثم إن صديق السائل الذي شهد الحادث بنفسه إذا أتى بعد هذه السنين ليؤدي شهادته لدى القاضي الشرعي لم يقبل منه، لأن تأخير أداء الشهادة كل هذه المدة دون عذر يوجب جرح الشاهد، فلا تقبل شهادته، جاء في تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام:.. فإن لم يخبر بشهادته سقطت شهادته، لأن سكوته عن ذلك جرحة، إلا أن يثبت أن له عذرا في عدم القيام. اهـ.
والظاهر أنه ليس هناك عذر، وإنما هو التستر على الأصدقاء! والذي يمكن أن يقوم به السائل بعد عشر سنوات من وقوع الحادث هو السعي عن طريق صديقه لإقناع من كان يقود السيارة بالإقرار والاعتراف لدى المحكمة الشرعية بما حصل، لتقوم هي بالتقصي والتحري عن القتيل لمعرفة عاقلته المستحقين للدية.
والله أعلم.