الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بعدم مؤاخذة أقاربك ومبادلة معاملتهم لك بالإحسان وبزيارتهم في بيوتهم، فقد روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وثقي أن الله معينك وناصرك، فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت: فكأنما تُسِفُّهُمْ المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. أي: فكأنما تطعمهم الرماد الحار.
وعلى أية حال، فإنك بمقابلتك لهم عند جدتك وعند أبيك وسلامك عليهم لا تعتبرين قاطعة، فقد قال عياض: أدنى الصلة ترك المهاجرة والصلة بالكلام ولو بالسلام. اهـ.
وينبغي أن تحرصي على زيارتهم، لأن الزيارة مما يعدها العرف من الصلة، فقد جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: فالواجب صلة الرحم بالزيارة والهدية، فإن لم يقدر على الصلة بالمال فليصلهم بالزيارة وبالإعانة في أعمالهم إن احتاجوا إليه، وإن كان غائباً يصلهم بالكتاب، فإن قدر على السير إليهم كان أفضل، وفي صلة الرحم عشر خصال محمودة.... ثم ذكرها. اهـ.
وجاء في بريقة محمودية للخادمي: اعلم أن قطع الرحم حرام كبيرة، ووصلها واجب، ومعناه ـ أي الوصل ـ أن لا ينساها أي الرحم ويتفقدها بالزيارة وبالوصول إلى المنزل أو الإهداء، لما قدر عليه أو الإعانة باليد أو القول وأقله أدناه التسليم بنفسه عليه، أو إرسال السلام إن بعيدا، أو المكتوب، ولا توقيت فيه وقتا معينا، بل المعتبر العرف المألوف لا كما يقول بعض أبناء الزمان إنه مقدر بثلاثة أعوام، كما في الحاشية, وفي الدرر صلة الرحم واجبة, ولو بسلام وهدية وتحية وهي معاونة الأقارب والإحسان إليهم والتلطف بهم والمجالسة لهم والمكالمة معهم ويزور ذا الأرحام غبا، فإن ذلك يزيد الفتى حبا، بل يزور أقرباءه كل جمعة أو شهر. اهـ.
والله أعلم.