الحمد لله, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فيجب عليك رد تلك الوديعة إلى ورثة صديقك.
وكون والده متبرئًا منه, أو أنه سبب ضياعه, لا يعتبر مانعًا يمنع والده من أن يرثه, فالأب يرث ولده, والولد يرث أباه بسبب النسب, وليس بسبب البر أو الإحسان, فوالده يرثه على كل حال, إلا إذا وجد به مانع من موانع الإرث, وهي: القتل, أو الرق, أو اختلاف الدين.
فالواجب عليك - أيها السائل - أن تدفع الأمانة إلى ورثة صديقك, قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58}.
وإن علمت من والده أو غيره من ورثته أنه ليس أمينًا, ويمكن أن يستأثر بها لنفسه دون بقية الورثة, فاجمع ورثته, وادفع إليهم الوديعة, وأخبرهم بحقيقتها, وقد سئل الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - عن رجل مَاتَ وَخلف وَدِيعَة عِنْد رجل, وَلم يوص إليه بِشَيْء, وَخلف عَلَيْهِ دين, يجوز لهَذَا الْمُودع أَن يدْفع إلى ولد الْمَيِّت؟
فأجاب بقوله: إن كَانَ أصحاب الدّين الَّذين لَا يعلمُونَ أنه مُودع, وَيخَاف بغيهم أَن يرجِعوا عَلَيْهِ فيحلفوه, جمع أصحاب الدّين وَالْوَرَثَة فَسلم هَذِه الْوَدِيعَة إلى الْوَرَثَة, ويخبرهم أنها كَانَت وَدِيعَة عِنْده. اهــ
والمهم أن تقسم تلك الأمانة بين ورثة صديقك, ولا يجوز لأحد منهم أن يستأثر بها لنفسه دون بقية الورثة.
ولمعرفة من يرث صديقك انظر الفتوى رقم: 121847عن الوارثين من الرجال والنساء, مع التنبيه إلى أنه ليس كل المذكورين يرثونه, بل بعضهم يحجب بعض, ويرجع في معرفة كيف تقسم التركة إلى المحكمة الشرعية, أو مشافهة أهل العلم بالمسألة.
والله تعالى أعلم.