الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه, أما بعد:
فشروط الاستنابة في الرمي قد أوضحناها في الفتوى رقم: 144895، وحيث جازت الاستنابة فقد أوجب بعض العلماء أن يرمي النائب عن نفسه أولًا ثم عن موكله، فيرمي الجمرات الثلاث عن نفسه, ثم يرميها عن موكله، قال في مغني المحتاج: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّائِبَ لَا بُدَّ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ مُنِيبِهِ, وَهُوَ ظاهر.
وأجاز بعضهم أن يرمي الجمرة عن نفسه, ثم عن موكله، وأجاز بعضهم أن يرمي عن نفسه حصاة, وعن موكله حصاة، قال الخرشي في شرحه على خليل: لَوْ رَمَى حَصَاةً عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ رَمَى حَصَاةً عَمَّنْ مَعَهُ، ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْجِمَارِ الثَّلَاثَةِ, فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ. انتهى.
وأما لو رمى بحصاتين فأكثر في مرة واحدة: فهي حصاة واحدة كما نص عليه الجماهير من الفقهاء، قال في التاج والإكليل: لا يرمي بِحَصَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي مَرَّةٍ, فَإِنْ فَعَلَ عَدَّهَا حَصَاةً وَاحِدَةً. انتهى.
وفي الحاوي للماوردي: مسألة: قال الشافعي - رضي الله عنه -: " فَإِنْ رَمَى بِحَصَاتَيْنِ أَوْ ثلاثٍ فِي مرةٍ واحدةٍ فهن كواحدةٍ ". قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: الْمَقْصُودُ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ شَيْئَانِ: أَعْدَادُ الْحَصَى, وَأَعْدَادُ الرَّمْيِ, فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْمِيَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي سَبْعِ مَرَّاتٍ, فَإِنْ رَمَى بِهِنَّ دَفْعَةً وَاحِدَةً قَامَ مَقَامَ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ, وَلَمْ يُجْزِهِ عَنِ السَّبْعِ. انتهى.
وبما مر يتبين أن هذا الرجل لم يصح رميه عن زوجته، ومن ثم يكون الرمي قد فاتها, ويكون عليها دم يذبح في مكة, ويوزع على فقراء الحرم، وذلك لتركها واجبًا من واجبات الحج هو الرمي، وترك الواجب ولو نسيانًا أو جهلًا يجبر بدم، فإن عجزت فعليها صيام عشرة أيام قياسًا على من عجز عن دم التمتع.
والله أعلم.