الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة للحاج أن يجمع بين الظهر والعصر بعرفة جمع تقديم, كما بيناه بالفتوى رقم: 10611، فإن صليتها خارج عرفة صحت الصلاة، وخالفت السنة.
وأما قصر الصلاة بلا سفر، ولا نسك: فهي باطلة عند أهل العلم كافة، وعليك القضاء.
وأما الجمع بلا سفر: فيجوز عند بعض أهل العلم للحاجة, كالزحام الشديد، ونحوه.
فإذا كنت خارج عرفة، ولا زحام فليس لك الجمع، وتبطل الصلاة الثانية التي صليتها في غير وقتها؛ وراجع الفتوى رقم: 223525.
وعليه, فلو صليت خارج عرفة لزمك إتمام الصلاة، وصلاة كل صلاة لوقتها.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: ويجوز الجمع لكل من بعرفة من مكي, وغيره, قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة, وكذلك من صلى مع الإمام, وذكر أصحابنا أنه لا يجوز الجمع إلا لمن بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخًا؛ إلحاقًا له بالقصر, وليس بصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع, فجمع معه من حضره من المكيين وغيرهم, ولم يأمرهم بترك الجمع, كما أمرهم بترك القصر حين قال: أتموا, فإنا سفر, ولو حرم الجميع؛ لبينه لهم, إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة, ولا يقر النبي صلى الله عليه وسلم على الخطأ, وقد كان عثمان يتم الصلاة لأنه اتخذ أهلًا, ولم يترك الجمع, وروي نحو ذلك عن ابن الزبير, قال ابن أبي مليكة: وكان ابن الزبير يعلمنا المناسك, فذكر أنه قال: إذا أفاض فلا صلاة إلا بجمع. رواه الأثرم, وكان عمر بن عبد العزيز والي مكة, فخرج, فجمع بين الصلاتين, ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين خلاف في الجمع بعرفة ومزدلفة, بل وافق عليه من لا يرى الجمع في غيره, والحق فيما أجمعوا عليه, فلا يعرج على غيره.
فصل: فأما قصر الصلاة: فلا يجوز لأهل مكة, وبهذا قال عطاء, ومجاهد, والزهري, وابن جريج, والثوري, ويحيى القطان, والشافعي, وأصحاب الرأي, وابن المنذر, وقال القاسم بن محمد, وسالم, ومالك, والأوزاعي: لهم القصر؛ لأن لهم الجمع, فكان لهم القصر كغيرهم. انتهى.
ثم ننبهك على أن السنة هو الإحرام بالحج يوم الثامن، والمبيت بمنى؛ كما بيناه بالفتوى رقم: 59153، ومع هذا فلو أحرمت يوم التاسع فإحرامك صحيح.
والله أعلم.