الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حسن ظنك بإخوانك في الموقع، ونسأل الله لك العافية، وأن يجعلك من التوابين، ويجعلك من المتطهرين.
ثم إنه قد اشتبه عليك أمر الغسالة؛ فجمهور الفقهاء الذين ذهبوا إلى أن النجاسة لا يزيلها إلا الماء، لم يقصدوا المنع من غسلها بالماء المخالط الصابونَ، وإنما قصدوا أنه لا بد من ماء.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ، وَثَوْبِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ثُمَّ يُطَهِّرُهُمَا. انتهى.
وهذا في كلامه عن الصابون المصنوع من زيت نجس فكيف إذا كان الصابون طاهراً.
وقال البهوتي في كشاف القناع: (وَإِنْ اسْتَعْمَلَ فِي إزَالَتِهِ) أَيْ: أَثَرِ النَّجَاسَةِ (مَا يُزِيلُهُ كَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ، فَحَسَنٌ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ غِفَارٍ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَهَا عَلَى حَقِيبَتِهِ، فَحَاضَتْ قَالَتْ: فَنَزَلْتُ، فَإِذَا بِهَا دَمٌ مِنِّي. فَقَالَ: مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ: فَأَصْلِحِي مِنْ نَفْسِكِ، ثُمَّ خُذِي إنَاءً مِنْ مَاءٍ فَاطْرَحِي فِيهِ مِلْحًا، ثُمَّ اغْسِلِي مَا أَصَابَ الْحَقِيبَةَ مِنْ الدَّمِ» (وَلَا يَجِب).انتهى.
فالحنفية ومن وافقهم يقولون يكفي الماء والصابون لإزالة النجاسة، والجمهور يقولون لا بد من ماء بعده، وهو ما يحصل في الغسالات، فالغسالة جميعها يوضع فيها الماء بعد غسلة الصابون، على أن كثيراً من الغسالات تبدأ أولاً بغسلة بالماء قبل الصابون ونحوه.
وعليه فالملابس تطهر بذلك، ولا تبقى النجاسة، فضلاً عن أن تنتقل.
على أنه لو زالت عين النجاسة بالصابون، وقلنا إنها لم تطهر، فهي كذلك لا تنقل النجاسة.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر مع شرحه: ولو زال عين النجاسة بغير المطلق لم يتنجس ملاقي محلها. أي: لو زال عين النجاسة بمضاف، أو قلاع فقال ابن رشد: متفق على أنه لا ينجس رطب بمحلها.
كما بيناه بالفتوى رقم: 96509 .
وأما بخصوص مسألة القلتين؛ فمسألة الماء المنفصل عن محل متنجس تختلف عنها؛ وقد بينا بالفتوى رقم: 57814 أن الراجح أن حكم الغسالة هو حكم المحل الذي انفصلت عنه، فإن انفصل عن المحل المغسول وهو مازال نجساً فهي نجسة، وما وقعت عليه يتنجس، وإن انفصلت عن المحل المغسول وهو طاهر فهي طاهرة، ولا يتنجس وما وقعت عليه.
وعليه فأنت لا تحتاج إلى قول المالكية، أو غيره، وليس عليك حرج أصلاً، وإن فرضنا عموماً احتياجك له في مسألة أخرى؛ فقد بينا بالفتوى رقم: 188747، وتوابعها أن الموسوس يجوز له ذلك، فراجعها.
والله أعلم.