الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر - والله أعلم - أنه يجب على الإنسان أن يأذن لأبويه إذا جاءا إليه, وهو في حالة لا تمنع من ذلك؛ وذلك لأن ترك إجابتهما, مع القدرة على ذلك, يعتبر من العقوق، وهذا مناف للبر والإحسان الذي أمر الله به في حق الوالدين.
قال ابن حجر العسقلاني في شرحه لقصة جريج الراهب: وفي الحديث أيضًا عظم بر الوالدين, وإجابة دعائهما, ولو كان الولد معذورًا, لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد.
ومجيء الأب إلى مسكن الابن, وطرقه بابه بمنزلة دعائه، فعلى ذلك نرى وجوب إجابته مع القدرة، خاصة إن كان الأب سيتأذى بذلك, وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 126420، ورقم: 23879
وأما الآية المذكورة فهي: إنما دلت على وجوب الرجوع على القادم إن لم يؤذن له في الدخول، وهذا عام يشمل الأب وغيره، فالأب مطالب ألا يدخل بيت ابنه إلا بإذن.
فعن عدي بن ثابت إن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول الله، إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها، والد, ولا ولد، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي، وأنا على تلك الحال؟ قال: فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا {النور:27}، فالآية قد دلت على استئذان القادم.
وأما الإذن من صاحب البيت، فإن الآية لم تتعرض لحكمه، وعلى ذلك, فلا دلالة فيها على جواز ترك الإذن للأب في الدخول.
والله أعلم.