الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جمع العلماء بين الحديثين، قال أبو العباس القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: وقوله: مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ ـ أي: ما من رسولٍ من الرسلِ المتقدِّمة، ويعني بذلك غالبَ الرسل لا كلَّهم، بدليل قوله ِصلى الله عليه وسلم في الحديث الآخَرِ الذي أخبَرَ فيه عن مجيء الأنبياءِ في أممهم يوم القيامة، فإنَّه قال فيه: يَأْتِي النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ، وَيَأْتِي النَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ـ فهذا العمومُ ـ وإنْ كان مؤكَّدًا بمِنْ بعد النفي ـ فهو مخصَّصٌ بما ذكرناه، والحواريُّون: جمع حَوَارِيٍّ، وهم خُلْصَان الأنبياء. انتهى.
أو: لكل نبي متبوع، يعني له أتباع، لكل نبي متبوع حواري، أما الذي لا أتباع له لا حواري له. أفاده الشيخ عبد الكريم الخضير في شرح سنن ابن ماجه.
فعلى الأول الحديث عام مخصوص، وعلى الثاني عام أُريد به الخصوص، وكلاهما شائع في لغة العرب، وبها نزل القرآن وجاءت السنة، ولذلك لم يستشكل الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أمثال هذه النصوص مع شيوعها، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 132802.
والله أعلم.