الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك نصح أمّك وأخواتك، وأمرهن بالمعروف، ونهيهن عن المنكر، وأن تحول بينهن وبين تلك المنكرات كترك الحجاب، أو مصافحة الرجال الأجانب، بقدر استطاعتك، لكن لا يجوز لك الإساءة إلى أمك أو الإغلاظ لها في الكلام، كما سبق منك، فإنّ كلامك المذكور لأمك، وهجرك لها على هذا النحو غير جائز، فإن أمر الأم بالمعروف ونهيها عن المنكر ليس كأمر غيرها ونهيه.
قال ابن مفلح: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. الآداب الشرعية.
وقال الشيخ ابن باز –رحمه الله- في جواب سؤال عن صلة الأقارب الواقعين في المنكرات: ... إلا الوالدين، فالوالدان لهما شأن، فالوالدان لا، لا يهجر الوالدين، بل يزور الوالدين، ويعتني بالوالدين، وينصح الوالدين ولا يهجرهما؛ لأن الله جل وعلا قال في كتابه العظيم في حق الوالدين: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، أمره أن يصحبهما في الدنيا بالمعروف، وإن جاهداه على الشرك يدعو الله أن يهديهما بأسبابه؛ لأن حقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات، فلا يهجرهما، ولكن يتلطف فيهما، وقد اجتهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع أبيه مع أنه مشرك، معلن بالشرك، مع ذلك اجتهد إبراهيم في دعوة أبيه عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال أو إخوان أو أعمام، أو.." فتاوى نور على الدرب لابن باز.
فبادر بالتوبة إلى الله عز وجل، واعتذر من أمك وأحسن إليها، واجتهد في النصح لها ولأخواتك برفق وحكمة.
والله أعلم.