الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي إدريس -عليه السلام- ليلة المعراج في السماء الرابعة، قال: فرحبَّ ودعا لي بخير، ثم قال الله -عزَّ وجلَّ-: وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً، ثم عرج بنا -أي جبريل- إلى السماء الخامسة. الحديث.
فالمكان العلي هو السماء الرابعة، وهل رُفع إدريس -عليه السلام- إلى السماء حيًّا أم لا؟
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في النسخ: وكون إدريس رُفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية، وقد روى الطبراني أن كعبًا قال: لابن عباس في قوله تعالى: وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً، أن إدريس سأل صديقًا له من الملائكة فحمله بين جناحية ثم صعد به، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت فقال له: أريد أن تُعلمني كم بقي من أجل إدريس؟ قال: وأين إدريس؟ قال: هو معي، فقال: إن هذا لشيء عجيب، أمرت بأن أقبض روحه في السماء الرابعة، فقلت: كيف ذلك وهو في الأرض؟ فقبض روحه، فذلك قوله تعالى: وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً، وهذا من الإسرائيليات، والله أعلم بصحة ذلك. انتهى كلام ابن حجر.
وذكر ابن كثير الأثر السابق، وقال إنه: أثر غريب عجيب. اهـ. وقال أيضًا: هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة. اهـ. وذكر له لفظًا آخر على نحو ما ورد في السؤال.
والواجب أن يعتقد أن الله تعالى رفع إدريس -عليه السلام- مكانًا عليًّا، وأنه في السماء الرابعة، وما زاد على ذلك من كونه رفع حيًّا ثم قبض أو لم يمت فالله أعلم به.
والله أعلم.