الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. وقال الألباني: حسن صحيح.
فهذا الحديث بعمومه دليل على وجوب التفريق بين الذكور والإناث بعد بلوغ سن العاشرة، قال المناوي في فيض القدير: أي فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغو عشراً، حذراً من غوائل الشهوة، وإن كن أخواته. انتهى
وهذا من باب التأديب والتدريب، وقد ألحق كثير من العلماء الأمهات والآباء بهذا الحكم، قال ابن عابدين في رد المحتار: وفي البزازية: إذا بلغ الصبي عشراً، لا ينام مع أمه وأخته وامرأة، إلا بامرأته أو جاريته. اه. فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفاً من الوقوع في المحذور، فإن الولد إذا بلغ عشراً عقل الجماع، ولا ديانة له ترده، فربما وقع على أخته أو أمه، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة، وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة خصوصاً في أبناء هذا الزمان، فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار. انتهى
وقال في روض الطالب: ويجب التفريق بين ابن عشر وأبويه وإخوته في المضجع. انتهى
والتفريق هنا له معنيان:
قال الشوبري في حاشيته على أسنى المطالب: قيل التفريق في المضاجع يصدق بطريقين: أن يكون لكل منهما فراش، وأن يكون في فراش واحد ولكن متفرقين غير متلاصقين. انتهى
ولا شك أن المعنى الأول أحوط وأبعد عن الوقوع في المحظور، فإن لم يحصل، وكانوا على فراش واحد فلا بد من مراعاة الضوابط التي تمنع الوقوع في المحظور، ومنها:
أولا: أن لا يكونا متلاصقين.
ثانيا: أن لا يكونا عريانين.
ثالثا: أن تؤمن الفتنة، فإذا روعيت هذه الشروط جاز الجمع بينهما في فراش واحد، ويبقى التفريق بينهما في الفرش حينئذ هو الأفضل، أخذاً بالأحوط، أما إذا فقد أحد هذه الشروط، فإنه يحرم الجمع بينهما في فراش واحد، ووجب حينئذ أن يكون لكل منهما فراش مستقل به عن الآخر.
والله أعلم.