الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة ذلك المال المكتسب بتلك الحيلة؛ لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
وشرط استحقاق تلك المعونة يخص من تم تهجيرهم من بيوتهم فعلًا، ولستم كذلك؛ ومن ثم فلا يجوز لأبيك التحايل على شروط استحقاق تلك الهبة الممنوحة من الدولة بالتزوير والشفاعة المحرمة، وقد شدد الشارع النكير على أكلة المال العام بغير حله، ففي البخاري: عن خولة الأنصارية قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة.
وليُعلم أن أخذ المال العام أشد حرمة من أخذ المال الخاص؛ لأن أخذ الأول اعتداء على حقوق المجتمع كله، والثاني اعتداء على حق فرد واحد، والمال الخاص له من يحميه، أما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله.
وعليه؛ فنصيحتنا لأبيك هي أن يتقي الله تعالى في نفسه، ولا يوبقها بأكل الحرام، وليدع تلك المعاملة.
وإن كان قد أتمها وحاز منها مالًا: فليرده إلى الجهة المسؤولة - إن أمكن ذلك - وإلا فليصرفه في المصالح العامة للمسلمين - كالمدارس، والمستشفيات، والطرق، ونحوها -.
وإذا علم الله منه صدق التوبة، وصحة الإنابة إليه، فسيعوضه خيرًا مما فاته من الحرام، فمن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، فقد قال سبحانه : وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2-3}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن مردويه، وحسنه الألباني.
والله أعلم.