الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما دام المال قد بلغ النصاب، فإنه إذا حال عليه الحول بالأشهر القمرية، ولم ينقص عن النصاب خلال الحول، فإن الزكاة واجبة فيه. فإذا أخرتها بعد وجوبها، لزمتك التوبة إلى الله تعالى؛ لأن إخراج الزكاة واجب على الفور كما في الفتوى رقم: 101215.
وإذا كنت لا تعلم على وجه اليقين هل بلغ مالك النصاب أم لا؟ فإنه لا تجب عليك الزكاة فيه.
قال الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى-: ما دام الرجل لا يعلم أنها بلغت النصاب، فلا شيء عليه، فمن شك في وجوب الزكاة ببلوغ النصاب، ليس عليه شيء، يعني: يقول: لا أدري هل هو النصاب أم أقل أم أكثر؟ فما عليه شيء. اهـــ.
وإن علمت أنه بلغ النصاب ولكنك لا تدري أي يوم وشهر بلغ فيه المال النصاب؟ فإنه يمكنك أن تعلم ذلك بمراجعة حسابك المصرفي عن تلك المدة، مع مقارنته بأسعار الذهب في تلك المدة، وهذا متيسر فيما نظن، فالبنك يحتفظ بالأرقام, وأسواق الذهب تحتفظ بأسعار الذهب. فإن تعذر معرفة ذلك، فانظر إلى الشهر الذي تجزم فيه ببلوغ المال النصاب، واعتبره هو شهر النصاب, وما قبله من الأشهر التي تشك في بلوغ النصاب فيها، فإن الأصل عدم بلوغه.
والمال الذي دفعته لوالدتك، يُحْسَبُ عليك في المدة التي كان فيها تحت يدك, فتحسبه من جملة المال، وتخرج زكاته إن بلغ المال به النصاب, وتخرج زكاته عن تلك المدة سواء حجت والدتك بعد أخذه أم لا؛ لأنه في تلك المدة هو ملك لك، فيجب عليك حسابه مع ما عندك، وإخراج زكاته. وأما بعد إعطائه لأمك، فإن زكاته تسقط عنك، وإذا حال عليه الحول وهو عندها، فإنها تزكيه إذا كان بالغا النصاب بنفسه، أو بما عندها من مال قد حال حوله.
وزكاة المال تخرج في البلد الذي فيه المال في الأصل ولا تنقل عنه.
قال ابن قدامة في المغني: قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ، فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُؤَدَّى حَيْثُ كَانَ الْمَالُ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حَيْثُ هُوَ، وَبَعْضُهُ فِي مِصْرٍ، يُؤَدِّي زَكَاةَ كُلِّ مَالٍ حَيْثُ هُوَ, فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ مِصْرِهِ وَأَهْلِهِ، وَالْمَالُ مَعَهُ، فَأَسْهَلُ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ، وَبَعْضَهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ، وَبَعْضَهُ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ حَتَّى يَمْكُثَ فِيهِ حَوْلًا تَامًّا، فَلَا يَبْعَثُ بِزَكَاتِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ, فَإِنْ كَانَ الْمَالُ تِجَارَةً يُسَافِرُ بِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يُفَرِّقُ زَكَاتَهُ حَيْثُ حَالَ حَوْلُهُ، فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ. اهــ.
ولكن إذا كانت هناك مصلحة راجحة في إخراج زكاة المال في غير بلده، ونقلها للبلد الذي أنت فيه، فإنه لا حرج في ذلك في المفتى به عندنا؛ وانظر لهذا الفتوى رقم: 127374 .
والله تعالى أعلم.