الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشريعة، وليس في الشريعة ما يحدد قدر الأرباح في عقود المعاوضة؛ كالبيع والإجارات، على أرجح أقوال أهل العلم، وفيه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمرها الخامس بالكويت.
وقد قال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب: ليس في الشرع المطهر تحديد للربح، وقول من قال: إنه يحدد بالثلث، قول ضعيف لا دليل عليه، والصواب أنه لا حد في ذلك.
وهو ما بيناه في الفتوى رقم: 5393 . ولا فرق في عقود المعاوضة من هذه الحيثية بين بيع وإجارة، فالإجارة بيع للخدمات، والبيع للسلع، وبعامة فأسعار الخدمات والسلع يحكمها نظام العرض والطلب، فلا شبهة للكسب الحرام من هذه الناحية إن شاء الله. وعلى أن المسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير، فيرفق به، ويراعي حالته، ولا يحمله الجشع على المبالغة في رفع الأجرة عليه، ويرحم خلق الله، ولا يستغل حاجة الناس إليه، فإنما هو فضله تعالى عليه، وقد قال النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مثل ذلك في البيوع: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى. رواه البخاري.
فإذا تقرر ذلك، فاعلم أن الشارع لم يضح قدر معينا للأجور، كذلك لم يحدّ لذلك حدا أعلى لا يزاد عليه، ولم يحدّ له حدا أدنى لا ينقص عنه. نعم إذا ترتب على مغالاة العمال في أجورهم، أو على بخس أرباب العمل أجور عمالهم، إضرارا بالمصلحة العامة، جاز لولي الأمر التدخل في تسعير أجورهم بما تقتضيه المصلحة العامة على المختار من أقوال أهل العلم؛ كما قررناه في الفتوى رقم: 48391
ما تقدم بيانه محله إذا التزم المحامي بالضوابط الشرعية لمهنة المحاماة، وإلا فلا تجوز ولا تصح المعاوضة على المحاماة وغيرها من الأعمال إذا كانت محرمة؛ وانظر في تلك الضوابط الفتاوى التالية أرقامها: 1028 ، 126403 .
والله أعلم.