الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 54006 أن جمهور العلماء يمنعون من أخذ دراهم معلومة، ونسبة من الربح على نفس العمل، إلا رواية عن أحمد، والأحوط تعديل عقد الإجارة إلى أجرة فقط، أو تحويله إلى عقد مضاربة بنسبة من الربح.
وأما جعل موعد إخراج الزكاة يوم عيد الفطر سنويًا من باب التيسير في الحساب: فالأصل أنك تبدأ احتساب الحول من يوم ملكت النصاب، فتزكي عند نهايته؛ فإن كان هو أول موعد امتلكت فيه النصاب، وحال الحول فتصرفك صحيح، وكذا إن امتلكت النصاب قبل ذلك الحين، ولم يحل الحول بعد، جاز، وكانت زكاة معجلة، ولبيان حكم تعجيل الزكاة انظر الفتوى رقم: 121737.
وأما إذا تم الحول قبل عيد الفطر: فليس لك تأخير الزكاة عن ذلك.
وأما بخصوص حسابك الزكاة بنصاب الذهب: فقد بينا في الفتوى رقم: 68905، وتوابعها، أن نصاب الأوراق النقدية هو أقل النصابين من ذهب أو فضة.
وعليه، فإن كان مالك هذه الفترة يبلغ النصاب على قيمة الفضة، فعليك احتساب زكاة السنوات السابقة، وطريقة ذلك مبينة في الفتوى رقم: 93502.
وأما السنة الثانية: فيلزمك الزكاة عن النصاب، فما زاد (فيما حال عليه الحول) - وقد سبق أن العبرة بأقل النصابين من ذهب أو فضة - وعليه فاحتسب بذلك، فإذا تجاوز مالك المدخر النصاب أخرجت عنه كله، لا على قدر النصاب، (والعبرة أن يكون في أول الحول نصابًا، ولا ينقص عن النصاب أثناء الحول، مهما تغير النصاب (بمعنى مهما تغير سعر الفضة، أو الذهب، المهم ألا ينقص عن أقلهما أثناء الحول)، فتخرج ربع العشر.
وبه يُعرف جواب سؤالك الثالث، والرابع، وهو أنه إذا قل المال عن النصاب أثناء الحول سقطت الزكاة، فإذا بلغ مالك نصابًا احتسبت حولًا جديدًا، ولكن كما سبق لو بلغ بنصاب الفضة نصابًا، وجبت فيه الزكاة، وراجع الفتوى رقم: 228670، هذا إذا كان المال الجديد هو نماء الأول.
وأما إذا كان مستفادًا، كالراتب المدخر، ونحوه - وهو ظاهر السؤال -: فإن كان مالك لم يبلغ نصابًا، فلا تحتسب بشيء حتى يبلغ الجميع نصابًا، وهو اول الحول، وإن كان قد بلغ النصاب قبل المستفاد, فقد بينا في الفتوى رقم: 176957 أن من استفاد مالًا جديدًا من جنس مال عنده، بالغًا النصاب، فإنه يضم المال الجديد إلى المال الأول في النصاب، لا في الحول، فيزكي المال الأول الذي يبلغ النصاب عند حوله، ويزكي المال الثاني عند حوله، ولو لم يبلغ النصاب، هذا الذي يلزمك؛ فإن أردت أن تُعجل زكاة الجميع معًا، جاز لك ذلك كما سبق.
وأما جواب سؤالك الخامس، فهو: أنه لا يجوز تأخير الزكاة، إلا إذا لم تجد مستحقها، ووجود صنف واحد من الأصناف الثمانية كاف؛ لأنه لا يلزم استيعاب المصارف الثمانية، وانظر الفتويين: 159961، 38964.
وإذا أحببت أن تدفع للمصارف الثمانية، وتحتاج لوقت: فعليك أن تعجل الزكاة قبل وقتها، بحيث تأخذ فرصة لاستيعاب المصارف قبل انقضاء الحول.
وأما قولك: "عندي فكرة جديدة في طريقة إخراج الزكاة، أي: أني أخرج 2.5% عند استلام الراتب شهريًا، إما أن أدفعها إلى المستحقين في ذلك الشهر حالًا، وإما أن أضعها في حساب خاص، وعند وجود المستحقين أدفع شيئًا، أو الحساب كاملًا، والغرض أن لا أنظر هل بلغ مالي النصاب أم لا، ولا أنظر هل حال عليه الحول أم لا، فهل هذه الطريقة صحيحة؟ وهل تجزئ عن الزكاة؟": فلا يلزمك أن تزكي الراتب إلا ما فضل عن حاجتك، وبلغ مع سائر مالك نصابًا، وفي هذه الحال ينضم في النصاب دون الحول؛ فتكمل به النصاب إن لم تكن بلغته، وأما حوله فمن يوم قبضته تحتسب سنة، فإن أردت أن تعجله من يوم قبضه، أو جعلته في حساب خاص، تتصدق منه، فلا حرج عليك، وراجع الفتوى رقم: 134239.
فإن لم يبلغ مع سائر مالك نصابًا: فلا شيء عليك، فإن أردت الصدقة فبابها واسع.
وأما فتوى العلامة العثيمين - رحمه الله -: وتكون الزكاة واقعة موقعها عند تمام الحول، وتكون لما بعده معجلة، والتعجيل جائز. اهـ فمعناها أن الحول إنما حال على ما ادخره من شهر محرم فقط، فإذا زكى عن مدخرات جميع السنة، فقد عجل الزكاة عن بقية الشهور التي لم يدر عليها الحول.
ولو عملت بالفتوى رقم: 128619 لكفتك - إن شاء الله -، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 171885.
والله أعلم.