الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر إنما ينعقد إذا فعله المرء مختارا، وإذا أكره عليه الشخص فإنه لا ينعقد ولا كفارة فيه على الناذر، وحكمه حكم يمين المكره، قال البهوتي في كشاف القناع: النذر إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئا غير لازم بأصل الشرع كقوله: علي لله، أو نذرت لله ـ ونحوه، كلله علي كذا ونحوه، مما يؤدي معناه، فلا ينفذ من غير مكلف كالإقرار، ولا من مكره، ولا بغير قول، إلا من أخرس، وإشارة مفهومة كيمينه. انتهى.
فما وقع منك من النذور إن كانت تحت تأثير الوسوسة بحيث كنت مسلوبة الاختيار ـ كما هو ظاهر سؤالك ـ فلا شيء عليك، لأنك في معنى المكره، وإن كانت النذور وقعت باختيار منك لا بتأثير الوسوسة، فإن النذر يلزمك، وانظري الفتويين رقم: 164941، ورقم: 184205.
وفي هذه الحال ينظر في نيتك، فإن نويت بالنذر نجاحك نجاحا يؤهلك إلى دخول الكلية، فلا يلزمك النذر إلا بهذا النجاح فإذا لم تكن عندك نية معينة، فترجعين إلى بساط النذر ـ وهو الحامل على النذر ـ هل هو مجرد النجاح بأي تقدير؟ أم أنه نجاح يؤهلك لدخول الكلية؟ فإن لم يكن عندك نية ولا وجود لبساط النذر، فإنك ترجعين إلى لفظ النذر، قال الخرشي: وَيُنْظَرُ فِي النَّذْرِ كَالْيَمِينِ إلَى النِّيَّةِ، ثُمَّ الْعُرْف، ثُمَّ اللَّفْظ. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 9722.
وهذا النذر المسؤول عنه من النذر المعلق بشرط، وهو مكروه، فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري وغيره.
ويجب الوفاء به إن حصل المطلوب المعلق عليه، ولم يكن النذر نذر معصية، قال ابن قدامة في المقنع: الْخَامِسُ: نَذْرُ التَّبَرُّرِ، كَنَذْرِ الصِّيَامِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَنَحْوِهَا مِنَ التَّقَرُّبِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ يَرْجُوهُ، فَقَالَ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلَّمَ مَالِي، فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، فَمَتَى وُجِدَ شَرْطُهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ، وَلَزِمَهُ فِعْلُهُ. انتهى.
ومجرد مشقة الوفاء بالنذر لا تسقطه ما دمت قادرة عليه، ولا يجزئك دفع كفارة عنه إلا إذا عجزت عنه عجزا تاما لا يرجى زواله، فإنها تكفر عنه كفارة يمين، وانظري الفتويين رقم: 28918، ورقم: 135862، وما أحيل عليه فيها.
واعلمي أن علاج الوساوس هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، فمهما وسوس لك الشيطان بأنه قد خرج منك شيء فامضي في صلاتك ولا تعيري وسوسته هذه اهتماما، وانظري الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.