الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح جدا من سؤالك أنك مصابة بالوسوسة، والذي ننصحك به هو أن تعرضي عن الوساوس وألا تلتفتي إلى شيء منها، وما تشعرين به مما يخيل إليك أن وضوءك قد انتقض فلا تلتفتي إليه حتى يحصل لك اليقين الجازم الذي تستطيعين أن تحلفي عليه أن طهارتك قد بطلت، وأما الصلوات فلك أن تعملي بمذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أن من ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا لم يلزمه القضاء، وبناء على هذا المذهب فإنه لا يلزمك قضاء شيء من تلك الصلوات، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 181305، أن للموسوس الأخذ بأيسر الأقوال، وليس هذا من الترخص المذموم.
ولو اخترت العمل بالقول بوجوب القضاء فإن أدركك الموت وأنت تقضين لم يكن عليك شيء، لأنك فعلت ما تقدرين عليه، ويجزئك على قول المالكية أن تقضي صلاة يومين مع كل يوم، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 125226.
وأما الأيمان التي لا تذكرين: فالأصل براءة ذمتك وأنه لا يلزمك شيء من الكفارات، فإن حصل لك اليقين بأنك حلفت وحنثت فحينئذ تلزمك الكفارة، ودون هذا اليقين لا يلزمك شيء، وأما النذر الذي نذرت: فهو من نذر اللجاج تجزئك فيه كفارة يمين، وأما ما يتعلق بالعمرة: فلم تبيني سبب عدم صحة العمرة الأولى، وقد يكون ما وقع منك غير مفسد لها، وعلى كل حال فإن كان شيء من الخلل قد تطرق إلى عمرتك الأولى أو الثانية، فإن عمرتك التالية والتي وقعت صحيحة قد برئت بها ذمتك وتحللت بها من إحرامك، فلا يلزمك شيء، وأما دفعك الرجل المذكور فلا يؤثر على صحة العمرة، وإنما عليك أن تستغفري الله من هذا الذنب وغيره من الذنوب، وأما معلمتك: فلا حرج عليك في حبك إياها، بل هذا الحب مشروع، لأنه من الحب في الله تعالى ولا ينافي محبة الله عز وجل، وننصحك بأن تجتهدي في الحفظ وتعلم العلم الشرعي وأن تصحبي الصالحات وتتعاوني معهن على البر والتقوى، ولا تتركي دار التحفيظ، بل استمري في هذا الخير وفيما تعتادينه من أمور البر فإنك على خير عظيم ـ إن شاء الله ـ ولا يلزم لنيل مغفرة الله أن تكوني داعية، وإنما يجتهد المسلم بحسب استطاعته فيما يقدر عليه من الخير ويحسن ظنه بربه تعالى ويستغفره من التقصير عالما أن رحمته سبحانه وسعت كل شيء، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وثقي بربك تعالى وأحسني ظنك به، فإنه سبحانه عند ظن عبده به، وهو سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، ودعي عنك الأفكار والوساوس والظنون التي تخالف هذا الذي نصحناك به وأرشدناك إليه.
والله أعلم.