الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن يرزقك رضا والديك، والذرية الصالحة, وبعد: فللوالدين على الولد حق السمع والطاعة في الأوامر والنواهي في المعروف، فالأصل لزوم طاعتهما واتباع أمرهما في الزواج، كما قررناه في الفتويين رقم: 3778، ورقم: 93194.
لكن أهل العلم لم يعتبروا كل مخالفة لأمر الوالدين في منعهما الابن من نكاح من يرغب في نكاحها عقوقًا محرمًا، بل راعوا في ذلك الضوابط التي قرروها في شروط العقوق المحرم، والتي ذكرناها في الفتوى رقم: 76303، على التفصيل التالي.
فإذا حصل عليهما إيذاء لنكاحك الفتاة الأوروبية: فهذا عقوق محرم، كما بيناه في الفتوى رقم: 107907.
أما إذا لم يحصل عليهما إيذاء بذلك، وكان منعهما محض تحكم، وفرض رأي، دون مسوغ شرعي معتبر للمنع: فلا تكون مخالفتهما عقوقًا، وهو ما بيناه في الفتويين رقم: 153915، ورقم: 105484، خاصة مع ما ذكرت من المصالح الشرعية في نكاحها، وكذلك إذا تضرر الابن بالمخالفة، لم يكن ذلك من العقوق المحرم، كما إذا خشيت على نفسك إن لم تتزوجها أن تفجر بها، كما قررناه في الفتوى رقم: 63267.
فلا بد من أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، سواء في النكاح ـ كما ذكرنا ـ أم في الطلاق، كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 3651، 1549.
فاحرص على برّ والديك، فإن كل الخير، والبركة، والسعادة في برهما، ثم ليعلم السائل أن النصارى من الكفار، وأنه لا ولاية للكافر على المسلمة، وأن من شروط صحة النكاح عند الجمهور موافقة ولي أمر الزوجة، مع سائر شروط صحة النكاح المعتبرة شرعًا.
وإذا كان شيخ المركز الإسلامي بمثابة القاضي لجماعة المسلمين في المدينة: فيقوم مقام وليها، كما فصلناه في الفتويين رقم: 102872، ورقم: 162113.
والله أعلم.