الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في مال المرتد إذا مات أو قتل على ردته، هل يرثه ورثته المسلمون أم لا، قال ابن قدامة في المغني: اختلفت الرواية عن أحمد في مال المرتد إذا مات، أو قتل على ردته، فروي عنه أنه يكون فيئا في بيت مال المسلمين.. وهو قول ابن عباس، وربيعة، ومالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر، وعن أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ وبه قال ابن المسيب، وجابر بن زيد والحسن، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، والشعبي، والحكم، والأوزاعي، والثوري، وابن شبرمة، وأهل العراق، وإسحاق إلا أن الثوري، وأبا حنيفة، واللؤلؤي، وإسحاق، قالوا: ما اكتسبه في ردته يكون فيئا، ولم يفرق أصحابنا بين تلاد ماله وطارفه، ووجه هذا القول أنه قول الخليفتين الراشدين، فإنه يروى عن زيد بن ثابت، قال: بعثني أبو بكر عند رجوعه إلى أهل الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين، ولأن ردته ينتقل بها ماله، فوجب أن ينتقل إلى ورثته المسلمين، كما لو انتقل بالموت. اهـ.
ولك في قول الخليفتين الراشدين أبي بكر وعلي ـ رضي الله عنهما ـ متسع، فلا بأس عليك في الانتفاع بميراث والدك وإن كان مرتدا بالفعل، وكذلك نفقته عليك، لا بأس عليك في الانتفاع بها، وراجعي الفتوى رقم: 209047.
وعلى ذلك، فإن كنت لا تخشين ضررا ولا فتنة في دينك بسبب إقامتك عند أبيك الذي تصفينه بالمرتد، فارجعي إلى بلدك واجتهدي في نصح أبيك والتوسل إلى هدايته بما تستطيعين من أسباب، ومن أهمها الدعاء له بالهداية! وأما الإقامة في فرنسا مع الاختلاط في الدراسة ومنع الحجاب وغير ذلك من الفتن والمعاصي التي تضطرين إلى القيام بها، على حد وصفك، فإنها لا تجوز، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 2007، 20905، 93564.
وأما أخذ المساعدات الاجتماعية خلال الفترة التي تحتاجين إليها للتجهيز للعودة إلى بلدك: فبحسب ما يسمح به القانون المنظم لصرفها، إذ المسلمون على شروطهم، ولعل هذه الفترة يتسامح فيها، لأنها من توابع وجودك للدراسة مادام لا يمكنك الرجوع مباشرة.
والله أعلم.