الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أنّ التعارف بين الرجال والنساء الأجنبيات - ولو كان بغرض الزواج - فهو باب فتنة، وذريعة فساد، وإنما ينبغي على من أراد خطبة امرأة أن يأتي البيوت من أبوابها، فيخطبها من وليها. فإن أجابه، فبها ونعمت، وإن قوبل بالرفض، انصرف عنها إلى غيرها؛ وانظر الفتوى رقم: 1769.
وإذا كنت أقلعت عن الاستمناء المحرم بسبب علاقتك بتلك المرأة، فهذا لا يدل على إباحة تلك العلاقة، وإنما يدل على أنك إذا شغلت نفسك ولم تتركها للفراغ سهل عليك الإقلاع عن هذه العادة المحرمة. وعليه، فالواجب عليك أن تقطع علاقتك بتلك المرأة، وتقف عند حدود الله، وإن كنت تريد أن تتزوجها، فلا مانع من ذلك، بشرط أن تعدل بينها وبين زوجتك الأولى. وزواجك الثاني ليس ظلماً لزوجتك، ولا عقوقا لوالديك إن كنت محتاجا للزواج. لكن إذا كانت زوجتك صالحة كما وصفت، فهي نعمة من الله عز وجل، تستحق الشكر، فلا يسوغ أن تستسلم لتلك الهواجس، والوساوس التي تزهدك فيها، بدعوى أنّك لا تشعر معها بعاطفة الحب، واعلم أن محافظة الزوج على حدود الله، وحرصه على غض بصره عن الحرام، من أهم أسباب قناعة الزوج بزوجته، كما أن إطلاق البصر في المحرمات، والتهاون في الكلام مع النساء الأجنبيات ونحو ذلك، يزهّد الزوج في زوجته ولو كانت أجمل نساء الأرض، ويفتح الأبواب للشيطان ليزين له الافتتان بغيرها والنفور منها، وقد يندفع الإنسان وراء رغبة عارضة ثم يندم ولا يحصل مراده.
قال ابن الجوزي - رحمه الله - في كتاب صيد الخاطر: أكثر شهوات الحس النساء, وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج، والتسري، فإذا حصل له مراده، لم يزل ينظر في العيوب الحاصلة، التي ما كان يتفكر فيها، فيملّ، ويطلب شيئًا آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها، أو لا عقل، أو لا محبة لها، أو لا تدبير، فيفوت أكثر مما حصل! ....." اهـ.
والله أعلم.