الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: ليس لولي المحجور عليه، أو وصيه أن يؤخر إخراج الزكاة إلى أن يبلغ المحجور عليه رشده، بل الواجب عليه إخراجها كل عام في وقتها المحدد لها شرعا, وهذا قول جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُخْرِجُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا, وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ; لِوُجُودِ الشَّرَائِطِ الثَّلَاثِ فِيهِمَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ . وَيُحْكَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَلَا تُخْرَجُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ، وَيُفِيقَ الْمَعْتُوهُ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أُحْصِي مَا يَجِبُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الزَّكَاةِ، فَإِذَا بَلَغَ أُعْلِمُهُ، فَإِنْ شَاءَ زَكَّى، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُزَكِّ. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ إبْرَاهِيمَ. اهــ.
إذا تبين هذا فإنه يجب - على قول الجمهور - على الوصي على الصغير- سواء كانت الدولة أم غيرها - أن يخرج زكاته ولا يؤخرها حتى بلوغه, وإذا لم يخرجها حتى بلغ، فإنه يجب عليه أن يُحصي زكاة كل عام من الأعوام السابقة ويخرجها, ولا تُحسبُ الزكاةُ التي استُحِقَّتْ في سنة سابقة من جملة المال في السنة التي تليها, فلو فُرِضَ أن ماله في السنة الأولى عشرة آلاف ريال, فزكاتها مائتان وخمسون، فإذا لم تُخرج, وصار ماله في السنة التالية عشرون ألفا – بما فيها المائتان والخمسون – فإنه لا يخرج زكاة العشرين ألفا وإنما المتبقي بعد خصم المائتين والخمسين. ولا يلزمه أن يخرج ربح الزكاة على اعتبار أنها من جملة المال الذي استثمر وربح؛ وذلك لأنها دين في الذمة، والدين يؤدى كما هو، ولا حق للدائن في أكثر من دينه.
والله أعلم.