الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأحاديث، وغيرها من الأحاديث الواردة في أفضل الأعمال، قد جمع بينها أهل العلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الناس بما يصلح لهم، فيخاطب كل صنف بحسب حاله، فيذكر له ما هو أفضل له وأنفع، ولا يستلزم هذا بالضرورة أفضليته مطلقًا من عموم الناس، وعلى جميع الأحوال.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أفضل الأعمال بعد الفرائض فقال: إنه يختلف باختلاف الناس فيما يقدرون عليه، وما يناسب أوقاتهم، فلا يمكن فيه جواب جامع، مفصل لكل أحد، لكن مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره، أن ملازمة ذكر الله دائمًا هو أفضل ما شغل العبد به نفسه في الجملة… ثم يعلم أن كل ما تكلم به اللسان، وتصوره القلب مما يقرب إلى الله من تعلم علم، وتعليمه، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر فهو من ذكر الله؛ ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع بعد أداء الفرائض، أو جلس مجلسًا يتفقه، أو يفقه فيه الفقه الذي سماه الله ورسوله فقهًا، فهذا أيضًا من أفضل ذكر الله، وعلى ذلك إذا تدبرت، لم تجد بين الأولين في كلماتهم في أفضل الأعمال كبير اختلاف. اهـ.
ولمزيد الفائدة عن مسألة المفاضلة بين الأعمال راجع الفتاوى: 171101، 117046، 151729 وإحالاتها.
والله أعلم.