الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فأما هل يجب عليك، أو على من بجانبك أن تسدوا الخلل الذي بينكما، فهذا ينبني على حكم تسوية الصف، فإن قيل: باستحبابه لا وجوبه، كما هو قول الجمهور لم يجب أن تسدوا الخلل، ولكن يستحب, وإن قيل بالوجوب وجب أن يسدوه، جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ فِي صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ بِحَيْثُ لاَ يَتَقَدَّمُ بَعْضُ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْبَعْضِ الآخَرِ، وَيَعْتَدِل الْقَائِمُونَ فِي الصَّفِّ عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ مَعَ التَّرَاصِّ، وَهُوَ تَلاَصُقُ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ، وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ وَالْكَعْبِ بِالْكَعْبِ حَتَّى لاَ يَكُونَ فِي الصَّفِّ خَلَلٌ، وَلاَ فُرْجَ..... وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ـ مِنْهُمُ ابْنُ حَجَرٍ وَبَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ ـ إِلَى وُجُوبِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ.
فَإِنَّ وُرُودَ هَذَا الْوَعِيدِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ، وَالتَّفْرِيطُ فِيهَا حَرَامٌ، وَلأِمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَأَمْرُهُ لِلْوُجُوبِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ صَارِفٌ، وَلاَ صَارِفَ هُنَا.. اهـ مختصرًا.
ثم إن الذي فهمناه من السؤال هو أنك كنت أقرب إلى الإمام، ومن على يمينك كان أبعد, وإذا كان الأمر كذلك، فإن المأموم الذي على يمينك هو المطالب بالتحرك لسد الفرجة التي بينك وبينه ما دمت أنت أقرب للإمام؛ لأن السنة أن تتراص الصفوف باتجاه موقف الإمام، فيبدأ المصلون الصفوف من خلف الإمام، ثم يمتد الصف يمينًا ويسارًا، لا أن تتراص الصفوف بالابتعاد عن الإمام يمينًا أو يسارًا, قال ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى -: المشروع أن يبدأ الصف من وراء الإمام؛ لأنه كلما كان الإنسان أقرب إلى الإمام كان أفضل، فإذا وجدنا شخصين في أطراف الصفوف جذبناهما إلى وسط الصف ليدنوا من الإمام، ومن المعلوم أنك إذا وجدت اثنين في طرف الصف، ووجدت وسط الصف خاليًا أنك لو وقفت وسط الصف صرت منفردًا لطول المسافة بينك وبين الاثنين، لكن اجذبهما إلى وسط الصف وتصفون جميعًا. اهـ.
والله أعلم.