الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المقارنة بين أن تترك هذا العمل طاعة لوالديك وتعمل في عمل لا تتمكن معه من إدراك الصلاة في وقتها فلا ريب في أنك تستمر في العمل الذي أنت فيه ولا تطع والديك في تركه، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى.
وتضييع الصلاة وإخراجها عن وقتها من أعظم المعاصي، فلا يجوز الاشتغال بعمل تعلم أنك لا تستطيع معه أداء الصلاة في وقتها، وأما إن كان عملك الآخر لن يؤدي إلى إخراج الصلاة عن وقتها، لكنك تؤخرها عن أول الوقت أو تصليها في غير المسجد فالذي ننصحك به أن تطيع والديك، لأن طاعتهما آكد من فعل بعض المستحبات كالصلاة أول الوقت أو في المسجد، قال في كشاف القناع: وَيَلْزَمُهُ طَاعَتِهِمَا فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، لِعُمُومِ الْأَوَامِرِ بِبِرِّهِمَا وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا وَمِنْ ذَلِكَ طَاعَتُهُمَا، وَتَحْرُمُ طَاعَتُهُمَا فِيهَا -أَيْ: الْمَعْصِيَةِ- لِحَدِيثِ: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ـ وَلَوْ أَمَرَهُ وَالِدُهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ إمَامًا مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ أَخَّرَهَا وُجُوبًا، لِوُجُوبِ طَاعَتِهِ. انتهى.
وأما فعل السنة القبلية والبعدية للظهر: فلا يشترط فعلها في البيت ولا يستغرق فعلها كبير وقت، ثم إن تعذر فعلها لشغل أو عارض فيشرع لك قضاؤها فيما بعد، وهذا كله إن لم تكن نفقة والديك واجبة عليك، فإن كانت نفقتهما واجبة عليك وكان هذا العمل يؤدي إلى إخلالك بها فيتعين عليك أن تبحث عن عمل آخر شريطة ألا يكون هذا العمل متعارضا مع أدائك الصلوات في أوقاتها، مع التنبيه إلى أن الصلاة يصح فعلها في أي جزء من أجزاء الوقت، وإنما الإثم في إخراج الصلاة عن وقتها بالكلية.
والله أعلم.