الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع الفتوى رقم: 100509، بخصوص نشأة العادة السرية.
وما زعمته من كون كل البشر يفعلونها؛ فليس بصحيح، بل كثير من عباد الله المؤمنين متعففون، لا يصرفون شهواتهم إلا فيما أباحه الله؛ فليست هي من الفطرة، وإنما فُطِر الإنسان على صرف شهوته فيما أباحه الله له، كالزوجة؛ قال ابن القيم في شفاء العليل: فصل: وأما التقدير والهداية: فقال مقاتل: "قدر خلق الذكر والأنثى فهدى الذكر للأنثى كيف يأتيها" وقال ابن عباس، والكلبي، وكذلك قال عطاء: "قدر من النسل ما أراد، ثم هدى الذكر للأنثى" واختار هذا القول صاحب النظم، فقال: "معنى هدى هداية الذكر لإتيان الأنثى كيف يأتيها" لأن إتيان ذكران الحيوان لإناثه مختلف؛ لاختلاف الصور، والخلق، والهيئات، فلولا أنه سبحانه جبل كل ذكر على معرفة كيف يأتي أنثى جنسه لما اهتدى لذلك ...وهو نظير قوله: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} فإعطاء الخلق إيجاده في الخارج، والهداية التعليم، والدلالة على سبيل بقائه، وما يحفظه ويقيمه، وما ذكر مجاهد فهو تمثيل منه لا تفسير مطابق للآية، فإن الآية شاملة لهداية الحيوان كله ناطقه، وبهيمه، طيره ودوابه، فصيحه وأعجمه، وكذلك قول من قال: إنه هداية الذكر لإتيان الأنثى تمثيل أيضًا، وهو فرد واحد من أفراد الهداية التي لا يحصيها إلا الله.
وقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله عز و جل ليعجب من الشاب ليست له صبوة. قال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره.
وذكر ابن القيم في بدائع الفوائد أن التعجب في هذا الموضع يدل على محبة الله للفعل.
قال المناوي في فيض القدير: (ليست له صبوة) أي: ميل إلى الهوى بحسن اعتياده للخير، وقوة عزيمته في البعد عن الشر، قال حجة الإسلام: وهذا عزيز نادر، فلذلك قرن بالتعجب، وقال القونوي: سره أن الطبيعة تنازع الشاب، وتتقاضاه الشهوات من الزنا، وغيره، وتدعوه إليها على ذلك ظهير، وهو الشيطان، فعدم صدور الصبوة منه من العجب العجاب.
وقد ذكرنا حكم العادة السرية، ودواءها مفصلًا بالفتوى رقم: 7170.
ونسأل الله أن يرزقك العفة، وأن يُحصن فرجك، وييسر لك الزواج، ونذكرك بأن تعسر الزواج لا يُسوغ الترخص في المحرم؛ بل هو مدعاة للصبر، واحتساب الأجر العظيم في التمسك بالدين حال الفتن، والتشبه بالقابضين على الجمر، وراجع الفتويين: 243589، 120636، وراجع للفائدة الفتويين: 2179، 200277.
والله أعلم.