الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء والعافية، ثم إن كان بك مرض يمنعك شهود الجمعة، والجماعة، فلا إثم عليك في التخلف عنهما، وإن كان هذا المرض لا يشق معه حضور الجمعة، والجماعة، ولا تخشى زيادته، أو تأخر الشفاء، فإنك تأثم والحال هذه، وأمر الجمعة آكد من أمر الجماعة؛ لعدم تكررها.
قال في شرح الإقناع: (وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ مَرِيضٌ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا مَرِضَ تَخَلَّفَ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ (خَائِفُ حُدُوثِهِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْن عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَ الْعُذْرَ بِالْخَوْفِ وَالْمَرَضِ» (أَوْ) خَائِفُ (زِيَادَتِهِ) أَيْ: الْمَرَضِ (أَوْ تَبَاطُئِهِ)؛ لِأَنَّهُ مَرِيضٌ (فَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ) الْمَرِيضُ (بِإِتْيَانِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا، أَوْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِهِ) أَيْ: بِأَنْ يُرْكِبَهُ، أَوْ يَحْمِلَهُ، أَوْ يَقُودَ أَعْمَى (لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ) لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا (دُونَ الْجَمَاعَةِ) نَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ فِي الْجُمُعَةِ: يَكْتَرِي، وَيَرْكَبُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ضَعْفٍ عَقِبَ الْمَرَضِ، فَأَمَّا مَعَ الْمَرَضِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِبَقَاءِ الْعُذْرِ. انتهى.
وننبه إلى أن الجماعة يجزئ فعلها في البيت، ويتأدى بذلك الواجب على الراجح؛ وانظر الفتوى رقم: 128394.
والله أعلم.