الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ قبل إسلامه على الدين الصحيح للمسيح عليه السلام، وهو دين التوحيد الذي لم يحرف بالتثليث ونحوه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بدل كثير من النصارى كثيرا من دين المسيح ـ عليه السلام ـ بعد رفعه بقليل من الزمان، وصاروا يبدلون شيئا بعد شيء، وتبقى فيهم طائفة متمسكة بدين الحق إلى أن بعث الله محمدا، وقد بقي من أولئك الذين على الدين الحق طائفة قليلة، كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي عن النبي أنه قال: إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا قبيل مبعثه ـ وقد أدرك سلمان الفارسي ـ وكان قد تنصر بعد أن كان مجوسيا ـ طائفة ممن كانوا متبعين لدين المسيح عليه السلام: واحدا بالموصل، وآخر بنصيبين، وآخر بعمورية، وكل منهم يخبره بأنه لم يبق على دين المسيح عليه السلام إلا قليل، إلى أن قال له آخرهم: لم يبق عليه أحد، وأخبره أنه يبعث نبي بدين إبراهيم من جهة الحجاز، فكان ذلك سبب هجرة سلمان إليه وإيمانه به.
وهذا الذي أشار إليه شيخ الإسلام قد رواه ابن إسحاق بإسناده في كتاب السيرة النبوية عند كلامه على إسلام سلمان الفارسي، فارجع إليه إن شئت، وانظر الفتوى رقم: 59186.
والله أعلم.