الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته من إعادة صلاة الفجر ـ مع شخص آخر صدقة عليه ـ يعتبر صوابًا عند بعض أهل العلم, وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 155329, والفتوى رقم: 126363 .
ثم إن صلاتك الأولى تعتبر فريضة قد سقط بها الوجوب عنك, ولا يمكن أن تعتبرها نافلة, لكن هذه النية لا تبطلها.
أما كونك قد نويت أن الثانية فريضة، فهذا صواب عند بعض أهل العلم, وقال بعضهم: لا تشرع لك هذه النية, جاء في المجموع للنووي: وأما كيفية النية في المرة الثانية، فإن قلنا بغير الجديد نوى بالثانية الفريضة أيضًا، وإن قلنا بالجديد فوجهان (أصحهما) عند الأصحاب، وبه قال الأكثرون، ينوي بها الفرض أيضًا، قالوا: ولا يمتنع أن ينوي الفرض، وإن كانت نفلًا هكذا صححه الأكثرون، ونقل الرافعي تصحيحه عن الأكثرين.
(والثاني) ينوي الظهر، أو العصر مثلًا، ولا يتعرض للفرض، وهذا هو الذي اختاره إمام الحرمين، وهو المختار الذي تقتضيه القواعد والأدلة. انتهى
وفي المغني لابن قدامة : إذا أعاد الصلاة فالأولى فرضه، روي ذلك عن علي - رضي الله عنه - وبه قال الثوري، وأبو حنيفة، وإسحاق، والشافعي في الجديد. وعن سعيد بن المسيب، وعطاء، والشعبي، التي صلى معهم المكتوبة؛ لما روي في حديث يزيد بن الأسود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس فصل معهم، وإن كنت قد صليت تكن لك نافلة، وهذه مكتوبة». ولنا قوله في الحديث الصحيح: «تكن لكما نافلة». وقوله في حديث أبي ذر: «فإنها لك نافلة». ولأن الأولى قد وقعت فريضة، وأسقطت الفرض، بدليل أنها لا تجب ثانيًا؛ وإذا برئت الذمة بالأولى استحال كون الثانية فريضة، وجعل الأولى نافلة. قال حماد، قال إبراهيم: إذا نوى الرجل صلاة، وكتبتها الملائكة، فمن يستطيع أن يحولها، فما صلى بعدها فهو تطوع. وحديثهم لا تصريح فيه، فيجب أن يحمل معناه على ما في الأحاديث الباقية سواء. فعلى هذا لا ينوي الثانية فرضًا، لكن ينويها ظهرًا معادة، وإن نواها نافلة صح. انتهى
والله أعلم.