الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن هذا السؤال، فقال في الجواب :
الحمد لله، نقول في مثل هذه الأمور : إننا قد ندرك حكمتها ، وقد لا ندرك ، فإن كثيراً من الأشياء لا نعلم حكمتها ، كما قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) الإسراء/85 . فإن هذه المخلوقات لو سألنا سائل : ما الحكمة أن الله جعل الإبل على هذا الوجه ، وجعل الخيل على هذا الوجه ، وجعل الحمير على هذا الوجه ، وجعل الآدمي على هذا الوجه ؟ وما أشبه ذلك ، لو سألنا عن الحكمة في هذه الأمور ما علمناها ، ولو سُئلنا : ما الحكمة في أن الله عز وجل جعل صلاة الظهر أربعاً ، وصلاة العصر أربعاً ، والمغرب ثلاثاً ، وصلاة العشاء أربعاً ؟ وما أشبه ذلك ما استطعنا أن نعلم الحكمة في ذلك . وبهذا علمنا أن كثيراً من الأمور الكونية ، وكثيراً من الأمور الشرعية تخفى علينا حكمتها ، وإذا كان كذلك فإنا نقول : إن التماسنا للحكمة في بعض الأشياء المخلوقة أو المشروعة ، إنْ مَنَّ اللهُ علينا بالوصول إليها فذاك زيادة فضل وخير وعلم ، وإن لم نصل إليها ، فإن ذلك لا ينقصنا شيئاً . ثم نعود إلى جواب السؤال ، وهو ما الحكمة في أن الله عز وجل وَكَّل بنا كراماً كاتبين يعلمون ما نفعل ؟ فالحكمة من ذلك :
بيان أن الله سبحانه وتعالى نَظَّم الأشياء وقَدَّرها ، وأحكمها إحكاماً متقناً ، حتى إنه سبحانه وتعالى جعل على أفعال بني آدم وأقوالهم كراماً كاتبين ، موكلين بهم ، يكتبون ما يفعلون ، مع أنه سبحانه وتعالى عالم بما يفعلون قبل أن يفعلوه ، ولكن كل هذا من أجل بيان كمال عناية الله عز وجل بالإنسان ، وكمال حفظه تبارك وتعالى ، وأن هذا الكون منظم أحسن نظام ، ومحكم أحسن إحكام ، والله عليم حكيم . والله أعلم. انتهى .
والله أعلم.