الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فصدقة التطوع يجوز دفعها للشخص المشار إليه.
وأما الصدقة الواجبة - كالزكاة - ففيها تفصيل: فإن كانت الأقساط التي عليه للمصرف مترتبة على عقد ربوي بينه وبين المصرف، فإنه يكون بذلك آثمًا، ولا يجوز أن يعطى من الزكاة ـ سواء كان قادرًا على وفاء دينه أم لم يكن ـ ما لم يتب من هذا الذنب, وقد اشترط العلماء في الغارم الذي يعطى من الزكاة ألا يكون استدان في سفه، أو فسق، أو سرف، أو معصية، فإذا كان كذلك، فإنه لا يعطى من الزكاة حتى يتوب.
قال المرداوي في الإنصاف: إذَا غَرِمَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ بِلَا نِزَاعٍ ... فَإِنْ تَابَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي ... أَحَدُهُمَا: يُدْفَعُ إلَيْهِمَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ . اهــ.
وأما إن كان الدين غير مترتب عن قرض ربوي، فالأصل أن الغارم صنف من الأصناف الثمانية الذين تدفع لهم الزكاة، ولكن إذا كان عنده من الدخل بعد سداد القسط الحال ما يكفيه لحاجاته الأصلية، فليس هو من الغارمين الذين يجوز صرف الزكاة إليهم؛ لأن الغارم الذي يعطى من الزكاة هو من كان عاجزًا عن سداد دينه الحال.
وأما الأقساط المؤجلة فلا تدفع له الزكاة لسدادها في الأصح عند الشافعية, وقيل: تدفع.
قال النووي في المجموع في شروط إعطاء الغارم من الزكاة: الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا، فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَفِي إعْطَائِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
(أَصَحُّهَا) لَا يُعْطَى، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ الْآنَ.
(وَالثَّانِي) يُعْطَى لِأَنَّهُ يُسَمَّى غَارِمًا.
(وَالثَّالِثُ) حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَجَلُ يَحِلُّ تِلْكَ السَّنَةِ أُعْطِيَ، وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى مِنْ صَدَقَاتِ تِلْكَ السَّنَةِ. اهــ.
والله أعلم.