الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
أما الأمر الأول: فغاية ما وقع للسائل أنه خالف العرف بتراض مع الزوجة، وهذا لا حرج فيه، ولا تأثيم؛ لأنها صارت حليلته بموجب العقد، وهو الذي عليه فتاوانا؛ فانظر مثلا الفتوى رقم: 136450 ، والفتوى رقم: 150045.
وأما الأمر الثاني : فلا ينبغي للزوج أن يسارع إلى الطلاق بمجرد الظن المبني على أمارات محتملة بغير بيّنة، لا سيما إذا كانت المرأة في أصلها صالحة. بل الواجب على الزوج أن يناصح زوجه، ويخوفها بالله لتنأى بنفسها عن مواطن الريبة، وتقطع كل علائق الفتنة، فإن من حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، كما بيناه في الفتوى رقم: 22368، فإن أصرّت بعد ذلك، فلا خير في استبقائها، وإن تابت واستقامت فليس في استبقائها من دياثة، إنما الدياثة إقرارها على الخبث. كما بيناه في الفتوى رقم: 97034 علما بأن طلاق المدخول بها، لا ظلم فيه إذا وفاها حقوقها؛ إذ الطلاق حق الزوج قبل الدخول وبعده على السواء، ومن أتى حقه فما ظلم، لا سيما إذا ساء صيت المرأة، أو خشي الزوج من أن يلحقه العار باستبقائها.
قال الموفق ابن قدامة في بيان الطلاق المستحب وهو النوع الرابع من أنواع الطلاق الخمسة: وَالرَّابِعُ، مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَهُوَ عِنْد تَفْرِيطِ الْمَرْأَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهَا، مِثْلُ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ إجْبَارُهَا عَلَيْهَا، أَوْ تَكُونُ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ عَفِيفَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي لَهُ إمْسَاكُهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا لِدِينِهِ، وَلَا يَأْمَنُ إفْسَادَهَا لِفِرَاشِهِ، وَإِلْحَاقَهَا بِهِ وَلَدًا لَيْسَ هُوَ مِنْهُ. اهـ من المغني.
ومن عرف حدود الله فعظمها، وحقوق الخلق فأداها، زالت عنه الهموم، وانكشفت عنه الكروب؛ قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. {الطلاق:2}.
والله أعلم.