الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إطلاق هذا اللفظ، فإنه وإن كان مستعملاً في معنى ملائكة العذاب، ولكنه أعم من ذلك، فهو يشمل الشًرط والمتمردين، قال ابن الجوزي في زاد المسير: قال قتادة: الزبانية في كلام العرب الشرط، قال الفراء: كان الكسائي يقول: لم أسمع للزبانية بواحد، ثم قال بأخرة واحد الزبانية زبني، فلا أدري أقياسا منه أو سماعا، وقال أبو عبيدة: واحد الزبانية زبنية، وهو كل متمرد من إنس أو جان، يقال فلان زبنية عفرية، قال ابن قتيبة: وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع كأنهم يدفعون أهل النار إليها، قال ابن دريد: الزبن الدفع يقال ناقة زبون إذا زبنت حالبها ودفعته برجلها، وتزابن القوم تدارؤوا، واشتقاق الزبانية من الزبن. والله أعلم.
وقال ابن عاشور: فالزبانية الذين يزبنون الناس، أي يدفعونهم بشدة، والمراد بهم ملائكة العذاب، ويطلق الزبانية على أعوان الشُّرطة، وأمّا قولُ الله تَعَالَى: نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ {العلق: 18}فإنّ سَلمَة رَوَى عَن الفرّاء أَنه قَالَ: يَقُول الله: نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ـ وهم يَعمَلون بِالْأَيْدِي والأرجُل، فهم أَقْوى، والناقة تَزْبِن الحالبَ برِجْلَيْها، قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: وَاحِد الزَّبانِيَة زِبْنيّ، وَقَالَ قَتَادَة: الزبّانيةُ: الشُّرَط فِي كَلَام الْعَرَب، وَقَالَ الزّجّاج: الزَّبانِيَة الغِلاظ الشِّداد، واحدهم زِبْنِيَّة، وهم هَؤُلَاءِ الملائكةُ الّذين قَالَ الله: وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلاَظٌ { التَّحْرِيم: 6} وهم الزَّبانية، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: خُذ بقرْدَنِه وبَزبُّونَته، أَي: بعُنُقه، وَقَالَ حسّان: زَبانِيةٌ حَوْلَ أبياتهمْ وخُورٌ لَدَى الحَرْبِ فِي المَعْمَعَهْ. انتهى.
وقد استعملت هذه الكلمة في عدة مواضع من كتب التاريخ إشارة إلى الشرط، وأعوان الظلمة.
والله أعلم.